الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: شرح منتهى الإرادات ***
(صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ وَاجِبَةٌ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ الْمُؤَدَّاةِ) عَلَى الْأَعْيَانِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا كُنْت فِيهِمْ فَأَقَمْت لَهُمْ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعَ الْخَوْفِ فَمَعَ الْأَمْنِ أَوْلَى وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا {أَثْقَلُ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ: صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ}. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. {وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا اسْتَأْذَنَهُ أَعْمَى لَا قَائِدَ لَهُ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ: هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَأَجِبْ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ {لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ، حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ} رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَالتِّرْمِذِيَّ وَكَالْجُمُعَةِ (عَلَى الرِّجَالِ) لَا النِّسَاءِ وَالْخَنَاثَى (الْأَحْرَارِ) دُونَ الْعَبِيدِ وَالْمُبَعَّضِينَ (الْقَادِرِينَ) عَلَيْهَا دُونَ ذَوِي الْأَعْذَارِ (وَلَوْ سَفَرًا فِي شِدَّةِ خَوْفٍ) لِعُمُومِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ (لَا شَرْطًا) أَيْ: لَيْسَتْ الْجَمَاعَةُ شَرْطًا لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ نَصًّا لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا {صَلَاةُ الْجَمَاعَةُ تَفْضُلُ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً} رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا النَّسَائِيّ وَأَبَا دَاوُد وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى الْمَعْذُور لِأَنَّهُ يُكْتَبُ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ لَوْلَا الْعُذْرُ لِلْخَبَرِ وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَجِبَ لِلْعِبَادَةِ شَيْءٌ وَتَصِحُّ بِدُونِهِ، كَوْنُهُ كَوَاجِبَاتِ الْحَجِّ، وَكَالصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ. (فَتَصِحُّ) الصَّلَاةُ (مِنْ مُنْفَرِدٍ) لَا عُذْرَ لَهُ، وَيَأْثَمُ، وَفِيهَا فَضْلٌ لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا يَنْقُصُ أَجْرُهُ) أَيْ: الْمُصَلِّي مُنْفَرِدًا (مَعَ عُذْرٍ) كَمَا سَبَقَ. (وَتَنْعَقِدُ) جَمَاعَةٌ (بِاثْنَيْنِ) لِحَدِيثِ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا {الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ} رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ {وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا} (فِي غَيْرِ جُمُعَةٍ وَعِيدٍ) لِاشْتِرَاطِ الْعَدَدِ فِيهِمَا (وَلَوْ) كَانَتْ الْجَمَاعَةُ (بِأُنْثَى) وَالْإِمَامُ رَجُلٌ، أَوْ خُنْثَى، أَوْ أُنْثَى (أَوْ) كَانَتْ ب (عَبْدٍ) وَالْإِمَامُ حُرٌّ، أَوْ عَبْدٌ لِعُمُومِ مَا سَبَقَ. وَ (لَا) تَنْعَقِدُ (بِصَبِيٍّ) وَالْإِمَامُ بَالِغٌ (فِي فَرْضٍ) لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ إمَامًا فِي الْفَرْضِ وَيَصِحُّ فِي النَّفْلِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَمَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَهُوَ صَبِيٌّ فِي التَّهَجُّدِ} وَيَصِحُّ أَنْ يَؤُمَّ رَجُلًا مُتَنَفِّلًا. (وَتُسَنُّ) جَمَاعَةٌ (بِمَسْجِدٍ) لِلْأَخْبَارِ، وَلِإِظْهَارِ الشَّعَائِرِ وَكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ، وَقَرِيبٌ مِنْهُ: إقَامَتُهَا بِالرُّبُطِ وَالْمَدَارِسِ وَنَحْوِهَا، قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَلَهُ فِعْلُهَا بِبَيْتٍ وَصَحْرَاءَ لِحَدِيثِ {جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا} نَعَمْ إنْ أَدَّى ذَهَابُهُ إلَى الْمَسْجِدِ إلَى انْفِرَادِ أَهْلِهِ فَالْمُتَّجَهُ إقَامَتُهَا فِي بَيْتِهِ تَحْصِيلًا لِلْوَاجِبِ. وَلَوْ كَانَ إذَا صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ صَلَّى مُنْفَرِدًا وَفِي بَيْتِهِ صَلَّى جَمَاعَةً تَعَيَّنَ فِعْلُهَا فِي بَيْتِهِ لِمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ فِعْلِهَا فِي الْمَسْجِدِ فِي جَمَاعَةٍ يَسِيرَةٍ وَفِي بَيْتِهِ فِي جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ، كَانَ فِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْلَى. (وَ) تُسَنُّ الْجَمَاعَةُ (لِنِسَاءٍ مُنْفَرِدَاتٍ) عَنْ رِجَالٍ، سَوَاءٌ أَمَّهُنَّ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ لِفِعْلِ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ {وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ وَرَقَةَ بِأَنْ تَجْعَلَ لَهَا مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ لَهَا وَأَمَرَهَا أَنْ تَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ. (وَيُكْرَهُ لِحَسْنَاءَ حُضُورُهَا) أَيْ: الْجَمَاعَةِ (مَعَ رِجَالٍ) خَشْيَةَ الِافْتِنَانِ بِهَا (وَيُبَاحُ) حُضُورُ جَمَاعَةٍ (لِغَيْرِهَا) أَيْ: غَيْرِ الْحَسْنَاءِ كَعَجُوزٍ لَا حُسْنَ لَهَا، وَكَذَا مَجَالِسِ وَعْظٍ وَنَحْوِهَا. (وَيُسَنُّ لِأَهْلِ كُلِّ ثَغْرٍ) مِنْ ثُغُورِ الْإِسْلَامِ (اجْتِمَاعٌ بِمَسْجِدٍ وَاحِدٍ) لِأَنَّهُ أَعْلَى لِلْكَلِمَةِ، وَأَوْقَعُ لِلْهَيْبَةِ (وَالْأَفْضَلُ لِغَيْرِهِمْ) أَيْ: غَيْرِ أَهْلِ الثَّغْرِ (الْمَسْجِدُ الَّذِي لَا تُقَامُ فِيهِ) الْجَمَاعَةُ (إلَّا بِحُضُورِهِ) لِأَنَّهُ يَعْمُرُهُ بِإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ وَيُحَصِّلُهَا لِمَنْ يُصَلِّي فِيهِ. قَالَ جَمْعٌ، مِنْهُمْ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ تُقَامُ فِيهِ مَعَ غَيْبَتِهِ، إلَّا أَنَّ فِي صَلَاتِهِ فِي غَيْرِهِ كَسْرَ قَلْبِ إمَامِهِ، أَوْ جَمَاعَتِهِ، فَجَبْرُ قُلُوبِهِمْ، أَوْلَى (فَ) الْمَسْجِدُ (الْأَقْدَمُ) لِأَنَّ الطَّاعَةَ فِيهِ أَسْبَقُ (فَالْأَكْثَر جَمَاعَةٌ) لِأَنَّهُ أَعْظَمُ أَجْرًا (وَأَبْعَدُ) مَسْجِدَيْنِ قَدِيمَيْنِ، أَوْ جَدِيدَيْنِ، سَوَاءٌ اخْتَلَفَا فِي كَثْرَةِ الْجَمْعِ وَقِلَّتِهِ، أَوْ اسْتَوَيَا (أَوْلَى مِنْ أَقْرَبُ) لِحَدِيثِ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا {أَعْظَمُ النَّاسِ أَجْرًا فِي الصَّلَاةِ أَبْعَدُهُمْ فَأَبْعَدُهُمْ مَمْشًى} رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. (وَحُرِّمَ أَنْ يَؤُمَّ بِمَسْجِدٍ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ) بِغَيْرِ إذْنِهِ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الْبَيْتِ وَهُوَ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ مِمَّنْ سِوَاهُ لِحَدِيثِ {لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي بَيْتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ} وَلَا يُحْرَمُ أَنْ يَؤُمَّ بَعْدَ الرَّاتِبِ قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ: وَيَتَوَجَّهُ إلَّا لِمَنْ يُعَادِي الْإِمَامَ (فَلَا تَصِحُّ) إمَامَةُ غَيْرِ الرَّاتِبِ قَبْلَهُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ لِلنَّهْيِ. وَقُدِّمَ فِي الرِّعَايَةِ تَصِحُّ مَعَ الْكَرَاهَةِ (إلَّا مَعَ إذْنِهِ) أَيْ: الرَّاتِبِ فَيُبَاحُ لِلْمَأْذُونِ أَنْ يَؤُمَّ، وَتَصِحُّ إمَامَتُهُ (أَوْ) مَعَ (تَأَخُّرِهِ) أَيْ: الرَّاتِبِ (وَضِيقِ الْوَقْتِ) {لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ صَلَّى حِينَ غَابَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَعَلَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنْتُمْ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِتَعَيُّنِ تَحْصِيلِ الصَّلَاةِ إذَنْ، وَسَوَاءٌ عُلِمَ عُذْرُهُ أَوْ لَا (وَيُرَاسَلُ) رَاتِبٌ (أَنَّ تَأَخَّرَ عَنْ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ مَعَ قُرْبِ) مَحَلِّهِ (وَعَدَمِ مَشَقَّةٍ) لِيَحْضُرَ، أَوْ يَأْذَنَ، أَوْ يُعْلَمَ عُذْرُهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَقَدَّمَ غَيْرُهُ قَبْلَ ذَلِكَ (وَإِنْ بَعُدَ) مَحَلُّهُ، أَوْ قَرُبَ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ (أَوْ لَمْ يُظَنَّ حُضُورُهُ، أَوْ ظُنَّ) حُضُورُهُ (وَلَا يَكْرَهُ) الرَّاتِبُ (ذَلِكَ) أَيْ: صَلَاةَ غَيْرِهِ عِنْدَ غَيْبَتِهِ (صَلُّوا) جَمَاعَةً، لِأَنَّهُمْ مَعْذُورُونَ. وَقَدْ أُسْقِطَ حَقُّهُ بِالتَّأَخُّرِ وَلِأَنَّ تَأَخُّرَهُ عَنْ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ وُجُودُ عُذْرٍ لَهُ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ النِّيَّةِ إذَا حَضَرَ بَعْدَ إحْرَامِ نَائِبِهِ وَإِنْ حَضَرَ الرَّاتِبُ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَلَمْ يَتَوَفَّرْ الْجَمْعُ، فَقِيلَ يَنْتَظِرُ وَمَالَ إلَيْهِ أَحْمَدُ وَقِيلَ: لَا. وَفِي الْإِقْنَاعِ: وَفَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ أَفْضَلُ مِنْ انْتِظَارِ كَثْرَةِ الْجَمْعِ، وَتُقَدَّمُ الْجَمَاعَةُ مُطْلَقًا عَلَى أَوَّلِ الْوَقْتِ. (وَمَنْ صَلَّى) الْفَرْضَ مُنْفَرِدًا، أَوْ فِي جَمَاعَةٍ (ثُمَّ أُقِيمَتْ) الصَّلَاةُ (سُنَّ لَهُ أَنْ يُعِيدَ) مَعَ الْجَمَاعَةِ ثَانِيًا مَعَ إمَامِ الْحَيِّ وَغَيْرِهِ لِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا {صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ أُقِيمَتْ وَأَنْتَ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلِّ وَلَا تَقُلْ إنِّي صَلَّيْت فَلَا أُصَلِّي}. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ. (وَكَذَا) يُسَنُّ أَنْ يُعِيدَ (وَإِنْ جَاءَ مَسْجِدًا) بَعْدَ أَنْ أُقِيمَتْ (غَيْرَ وَقْتِ نَهْيٍ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُصَلِّ مَعَ حُضُورِهِ كَانَ مُسْتَخِفًّا بِحُرْمَةِ الْجَمَاعَةِ وَرُبَّمَا اُتُّهِمَ بِأَنَّهُ لَا يَرَى فَضْلَ الْجَمَاعَةِ. وَمَفْهُومُهُ كَمَا تَقَدَّمَ: أَنَّهُ إنْ جَاءَ وَقْتُ نَهْيٍ لَا يُعِيدُ فَلَا يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ إذَنْ حَتَّى يُصَلُّوا (لِغَيْرِ قَصْدِهَا) أَيْ: الْإِعَادَةِ، فَإِنْ جَاءَ لِقَصْدِهَا لَمْ يُسْتَحَبَّ (إلَّا الْمَغْرِبَ) فَلَا تُسَنُّ إعَادَتُهَا لِأَنَّ الْمُعَادَةَ تَطَوُّعٌ وَلَا يَكُونُ بِوِتْرٍ (وَالْأُولَى) مِنْ الصَّلَاتَيْنِ (فَرْضُهُ) دُونَ الْمُعَادَةِ فَهِيَ نَفْلٌ فَيَنْوِيَهَا مُعَادَةً وَنَفْلًا وَإِذَا أَدْرَكَ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ مَعَادَةٍ رَكْعَتَيْنِ، لَمْ يُسَلِّمْ بَلْ يَقْضِي نَصًّا وَقَالَ الْآمِدِيُّ: يُسَلِّمُ مَعَهُ. (وَلَا تُكْرَهُ إعَادَةُ جَمَاعَةٍ فِي مَسْجِدٍ) لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ كَغَيْرِهِ (غَيْرَ مَسْجِدَيْ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ) فَتُكْرَهُ فِيهِمَا وَعَلَّلَهُ أَحْمَدُ: بِأَنَّهُ أَرْغَبُ فِي تَوْفِيرِ الْجَمَاعَةِ، أَيْ: لِئَلَّا يَتَوَانَى النَّاسُ فِي حُضُورِ الْجَمَاعَةِ مَعَ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ (وَلَا) تُكْرَهُ إعَادَةُ الْجَمَاعَةِ (فِيهِمَا) أَيْ: مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ (لِعُذْرٍ) فِي إقَامَتِهَا ثَانِيًا لِأَنَّهَا أَخَفُّ مِنْ تَرْكِهَا. (وَكُرِهَ قَصْدُ مَسْجِدٍ لَهَا) أَيْ: لِلْإِعَادَةِ فِي جَمَاعَةٍ زَادَ بَعْضُهُمْ: وَلَوْ كَانَ صَلَّى فَرْضَهُ وَحْدَهُ، أَوْ كَانَتْ فَاتَتْهُ التَّكْبِيرَةُ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يُكْرَهُ قَصْدُ الْمَسْجِدِ لِقَصْدِ الْجَمَاعَةِ، نَصَّ عَلَى الثَّلَاثِ. (وَيُمْنَعُ شُرُوعٌ فِي إقَامَةِ) صَلَاةٍ يُرِيدُ الصَّلَاةَ مَعَ إمَامِهَا (انْعِقَادُ نَافِلَةٍ) رَاتِبَةٍ وَغَيْرِهَا مِمَّنْ لَمْ يُصَلِّ تِلْكَ الصَّلَاةَ لِحَدِيثِ {إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَكَانَ عُمَرُ يَضْرِبُ عَلَى الصَّلَاةِ بَعْدَ الْإِقَامَةِ وَإِنْ جَهِلَ الْإِقَامَةَ فَكَجَهْلِ وَقْتِ نَهْيٍ. (وَمَنْ) أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، وَهُوَ (فِيهَا) أَيْ: النَّافِلَةِ (وَلَوْ) كَانَ (خَارِجَ الْمَسْجِدِ يُتِمُّ) مَا ابْتَدَأَهُ مُخَفِّفًا، وَلَا يَزِيدُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ (إنْ أَمِنَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ) وَلَوْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَإِلَّا قَطَعَهَا لِأَنَّ الْفَرْضَ أَهَمُّ. (وَمَنْ كَبَّرَ) مَأْمُومًا (قَبْلَ تَسْلِيمَةِ الْإِمَامِ الْأُولَى أَدْرَكَ الْجَمَاعَةَ) فَيَبْنِي وَلَا يُجَدِّدُ إحْرَامًا لِأَنَّهُ أَدْرَكَ جُزْءًا مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً فَيَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ كَبَّرَ بَيْنَ التَّسْلِيمَتَيْنِ لَمْ تَنْعَقِدْ. (وَمَنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ) مَعَ الْإِمَامِ بِأَنْ اجْتَمَعَ مَعَهُ فِيهِ، بِحَيْثُ يَنْتَهِي إلَى قَدْرِ الْإِجْزَاءِ مِنْ الرُّكُوعِ، قَبْلَ أَنْ يَزُولَ إمَامُهُ عَنْ قَدْرِ الْإِجْزَاءِ مِنْهُ (دُونَ الطُّمَأْنِينَةِ) أَيْ: وَلَمْ يُدْرِكْ الطُّمَأْنِينَةَ (مَعَهُ اطْمَأَنَّ ثُمَّ تَابَعَ) إمَامَهُ (وَقَدْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ) " لِحَدِيثِ {مَنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ فَقَدْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِالتَّكْبِيرِ قَائِمًا وَتَقَدَّمَ (وَأَجْزَأَتْهُ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ) عَنْ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ. رُوِيَ عَنْ زَيْدٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمَا مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلِأَنَّهُ اجْتَمَعَ وَاجِبَانِ مِنْ جِنْسٍ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، أَحَدُهُمَا رُكْنٌ فَسَقَطَ بِهِ، كَطَوَافِ الْحَاجِّ لِلزِّيَارَةِ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ يُجْزِئُهُ عَنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ، فَإِنْ نَوَى بِتَكْبِيرَتِهِ الِانْتِقَالَ مَعَ الْإِحْرَامِ، أَوْ وَحْدَهُ، لَمْ تَنْعَقِدْ، وَالْأَفْضَلُ: أَنْ يَأْتِيَ بِتَكْبِيرَتَيْنِ. (وَسُنَّ دُخُولُهُ) أَيْ: الْمَأْمُومِ (مَعَهُ) أَيْ: الْإِمَامِ (كَيْفَ أَدْرَكَهُ) وَإِنْ لَمْ يَعْتَدَّ لَهُ بِمَا أَدْرَكَهُ فِيهِ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا {إذَا جِئْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ وَنَحْنُ سُجُودٌ فَاسْجُدُوا، وَلَا تَعُدُّوهَا شَيْئًا}". (وَيَنْحَطُّ) مَأْمُومٌ أَدْرَكَ إمَامَهُ غَيْرَ رَاكِعٍ (بِلَا تَكْبِيرٍ) نَصًّا لِأَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ لَهُ بِهِ، وَقَدْ فَاتَهُ مَحَلُّ التَّكْبِيرِ. (وَيَقُومُ مَسْبُوقٌ) سَلَّمَ إمَامَهُ (بِهِ) أَيْ: التَّكْبِيرِ نَصًّا لِوُجُوبِهِ لِكُلِّ انْتِقَالٍ يَعْتَدُّ بِهِ الْمُصَلِّي وَهَذَا مِنْهُ. (وَإِنْ قَامَ) مَسْبُوقٌ لِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ (قَبْلَ سَلَامِ) إمَامِهِ (الثَّانِيَة وَلَمْ يَرْجِعْ) لِيَقُومَ بَعْدَ سَلَامِهَا (انْقَلَبَتْ) صَلَاتُهُ (نَفْلًا) لِتَرْكِ الْعَوْدِ الْوَاجِبِ لِمُتَابَعَةِ إمَامِهِ بِلَا عُذْرٍ فَيَخْرُجُ مِنْ الِائْتِمَام وَيَبْطُلُ فَرْضُهُ. (وَمَا أَدْرَكَ) مَسْبُوقٌ مِنْ صَلَاةٍ مَعَ إمَامِهِ فَهُوَ (آخِرُهَا) أَيْ: آخِرُ صَلَاتِهِ (وَمَا يَقْضِي) مِمَّا فَاتَهُ (أَوَّلُهَا) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِيهِ {فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا} رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ. وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ {فَصَلِّ مَا أَدْرَكْتَ وَاقْضِ مَا سَبَقَك}". وَالْمَقْضِيُّ هُوَ الْفَائِتُ (فَيَسْتَفْتِحُ لَهُ) أَيْ: لِمَا يَقْضِيهِ (وَيَتَعَوَّذُ وَيَقْرَأُ سُورَةً) فِيهِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ صَلَاتِهِ، وَيُخَيَّرُ فِي الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْجَهْرِيَّةِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ، وَيُرَاعِي تَرْتِيبَ السُّوَرِ وَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ إذَا فَاتَتْهُ الْأُولَى وَكَذَا مَسْبُوقٌ فِي صَلَاةِ جِنَازَةٍ يُتَابِعُ إمَامَهُ فِيمَا أَدْرَكَهُ مَعَهُ، ثُمَّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ يَقْضِيهَا وَيُطِيلُ أَيْضًا الرَّكْعَةَ الْأُولَى، إذَا قَضَاهَا عَلَى الثَّانِيَةِ وَلَوْ كَانَ أَدْرَكَهَا مَعَ الْإِمَامِ. (لَكِنْ لَوْ أَدْرَكَ) مَسْبُوقٌ مَعَ إمَامِهِ (رَكْعَةً مِنْ) صَلَاةٍ (رُبَاعِيَّةٍ، أَوْ) مِنْ (مَغْرِبٍ تَشَهَّدَ) الْمَسْبُوقُ (عَقِبَ) قَضَاءِ رَكْعَةٍ (أُخْرَى) لِئَلَّا يُغَيِّرَ هَيْئَةَ الصَّلَاةِ، فَيَقْطَعَ الرُّبَاعِيَّةَ عَلَى وِتْرٍ، وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ، أَوْ يَقْطَعَ الْمَغْرِبَ عَلَى شَفْعٍ، وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ، وَلَا ضَرُورَةَ إلَى ذَلِكَ. (وَيَتَوَرَّكُ) مَسْبُوقٌ (مَعَهُ) فِي تَشَهُّدٍ أَخِيرٍ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ وَمَغْرِبٍ، تَبَعًا لَهُ (وَيُكَرِّرُ) مَسْبُوقٌ (التَّشَهُّدَ الْأَوَّلِ حَتَّى يُسَلِّمَ) إمَامُهُ؛ لِأَنَّهُ تَشَهُّدٌ وَاقِعٌ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ فَلَا تَشْرَعْ فِي الزِّيَادَةِ فِيهِ عَلَى الْأَوَّلِ. (وَيَتَحَمَّلُ) إمَامٌ (عَنْ مَأْمُومٍ قِرَاءَةَ) الْفَاتِحَةِ، فَتَصِحُّ صَلَاةُ مَأْمُومٍ بِدُونِ قِرَاءَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} قَرَأْتَ وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا {إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا} رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، فَلَوْلَا أَنَّ الْقِرَاءَةَ لَا تَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ بِالْكُلِّيَّةِ لَمَا أُمِرَ بِتَرْكِهَا مِنْ أَجْلِ سُنَّةِ الِاسْتِمَاعِ. وَحَدِيثِ {مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ} رَوَاهُ سَعِيدٌ وَأَحْمَدُ فِي مَسَائِلِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَهُوَ عِنْدَنَا حُجَّةٌ. (وَ) يَتَحَمَّلُ عَنْ مَأْمُومٍ أَيْضًا (سُجُودَ سَهْوٍ) وَتَقَدَّمَ فِي بَابِهِ (وَ) يَتَحَمَّلُ عَنْهُ أَيْضًا (سُجُودَ تِلَاوَةٍ) إذَا قَرَأَ فِي صَلَاتِهِ آيَةَ سَجْدَةٍ وَلَمْ يَسْجُدْ إمَامُهُ (وَ) يَتَحَمَّلُ عَنْهُ أَيْضًا (سُتْرَةَ) الصَّلَاةِ وَتَقَدَّمَ. (وَ) يَتَحَمَّلُ عَنْهُ أَيْضًا (دُعَاءَ قُنُوتٍ) حَيْثُ سَمِعَهُ فَيُؤَمِّنُ فَقَطْ وَتَقَدَّمَ (وَكَذَا تَشَهُّدٌ أَوَّلُ) وَجُلُوسٌ لَهُ، فَيَتَحَمَّلُهُ عَنْهُ (إذَا سَبَقَ) الْمَأْمُومَ (بِرَكْعَةٍ) مِنْ رُبَاعِيَّةٍ وَتَقَدَّمَ. (وَسُنَّ) لِمَأْمُومٍ (أَنْ يَسْتَفْتِحَ وَ) أَنْ (يَتَعَوَّذَ فِي) صَلَاةٍ (جَهْرِيَّةٍ) كَالصُّبْحِ، لِأَنَّ مَقْصُودَ الِاسْتِفْتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ لَا يَحْصُلُ بِاسْتِمَاعِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ، لِعَدَمِ جَهْرِهِ بِهِمَا بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ. (وَ) سُنَّ لِمَأْمُومٍ أَيْضًا أَنْ (يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً حَيْثُ شُرِعَتْ) السُّورَةُ (فِي سَكَتَاتِهِ) يَعْنِي أَنَّهُ يَسْتَفْتِحُ وَيَتَعَوَّذُ فِي السَّكْتَةِ الْأُولَى عَقِبَ إحْرَامِهِ، وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ عَقِبَ فَرَاغِهِ مِنْهَا وَيَقْرَأُ السُّورَةَ فِي الثَّالِثَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا. (وَهِيَ) أَيْ: سَكَتَاتُ الْإِمَامِ ثَلَاثٌ (قَبْلَ الْفَاتِحَةِ) فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَقَطْ (وَبَعْدَهَا) أَيْ: الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ (وَتُسَنُّ) أَنْ تَكُونَ سَكْتَةٌ (هُنَا) أَيْ: بَعْدَ الْفَاتِحَةِ (بِقَدْرِهَا) لِيَقْرَأَهَا الْمَأْمُومُ فِيهَا (وَ) الثَّالِثَةُ (بَعْدَ فَرَاغِ الْقِرَاءَةِ) لِيَتَمَكَّنَ الْمَأْمُومُ مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةٍ فِيهَا. (وَ) يُسَنُّ لِمَأْمُومٍ أَيْضًا أَنْ يَسْتَفْتِحَ وَيَتَعَوَّذَ وَيَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً حَيْثُ شُرِعَتْ (فِيمَا لَا يَجْهَرُ فِيهِ) إمَامُهُ كَالظُّهْرِ. وَكَذَا يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ فِي الْأَخِيرَةِ مِنْ مَغْرِبٍ وَفِي الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْ الْعِشَاءِ لِحَدِيثِ جَابِرٍ {كُنَّا نَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ، وَفِي الْأَخِيرَتَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ} رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَوْنَ الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ (أَوْ) أَيْ: وَيُسَنُّ لِمَأْمُومٍ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا تَقَدَّمَ حَيْثُ كَانَ (لَا يَسْمَعُهُ) أَيْ: الْإِمَامَ (لِبُعْدٍ) عَنْهُ (أَوْ) ل (طَرَشٍ إنْ لَمْ يَشْغَلْ) مَأْمُومٌ بِقِرَاءَتِهِ (مَنْ بِجَنْبِهِ) مِنْ الْمَأْمُومِينَ فَإِنْ شَغَلَهُ تَرَكَهُ. وَإِنْ سَبَقَ الْإِمَامُ الْمَأْمُومَ بِقِرَاءَةٍ وَرَكَعَ تَبِعَهُ، بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ فَيُتِمُّهُ إذَا سَلَّمَ فَإِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الدُّعَاءِ سَلَّمَ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا (وَمَنْ رَكَعَ، أَوْ سَجَدَ) وَنَحْوُهُ، كَمَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعٍ، أَوْ سُجُودٍ (قَبْلَ إمَامِهِ عَمْدًا، حَرُمَ) عَلَيْهِ {لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَسْبِقُونِي بِالرُّكُوعِ وَلَا بِالسُّجُودِ وَلَا بِالْقِيَامِ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا {أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ، أَوْ يَجْعَلَ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَا تَبْطُلُ إنْ عَادَ لِلْمُتَابَعَةِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ: الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا (وَعَلَى جَاهِلٍ وَنَاسٍ) فَعَلَ ذَلِكَ و(ذَكَرَ أَنْ يَرْجِعَ لِ) يَفْعَلَ مَا سَبَقَ بِهِ إمَامَهُ لِ (يَأْتِيَ بِهِ) أَيْ: بِمَا فَعَلَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ (مَعَهُ) أَيْ: مَعَ إمَامِهِ أَيْ: عَقِبَهُ، لِيَكُونَ مُؤْتَمًّا بِهِ (فَإِنْ أَبَى) الرُّجُوعَ (عَالِمًا) وُجُوبَهُ (عَمْدًا) أَيْ: غَيْرَ سَاهٍ (حَتَّى أَدْرَكَهُ) إمَامُهُ (فِيهِ) أَيْ: فِيمَا سَبَقَهُ بِهِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ، لِتَرْكِهِ الْمُتَابَعَةَ الْوَاجِبَةَ بِلَا عُذْرٍ. وَ (لَا) تَبْطُلُ إنْ أَبَى الرُّجُوعَ (جَاهِلًا) الْحُكْمَ (أَوْ نَاسِيًا) لِلْعُذْرِ (وَيَعْتَدُّ) مَنْ لَمْ يَرْجِعْ لِيَأْتِيَ بِمَا سَبَقَ بِهِ إمَامَهُ مَعَهُ سَهْوًا، أَوْ جَهْلًا (بِهِ) أَيْ: بِمَا سَبَقَهُ بِهِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ (وَالْأَوْلَى) لِمَأْمُومٍ (أَنْ يَشْرَعَ فِي أَفْعَالِهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ (بَعْدَهُ) أَيْ: الْإِمَامِ، لِحَدِيثِ {إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا}. إلَخْ وَفِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَشْرَعَ الْمَأْمُومُ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِمَّا كَانَ فِيهِ (فَإِنْ وَافَقَهُ) فِي أَفْعَالِهَا (كُرِهَ) لَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ تَبْطُلْ بِهِ صَلَاتُهُ (وَإِنْ كَبَّرَ) مَأْمُومٌ (لِإِحْرَامٍ مَعَهُ) أَيْ: مَعَ إمَامِهِ، لَمْ تَنْعَقِدْ (أَوْ) كَبَّرَ لِإِحْرَامٍ (قَبْلَ إتْمَامِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ (لَمْ تَنْعَقِدْ) صَلَاةُ مَأْمُومٍ وَلَوْ سَاهِيًا لِأَنَّ شَرْطَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِإِحْرَامِهِ بَعْدَ إحْرَامِهِ وَقَدْ فَاتَهُ. (وَإِنْ سَلَّمَ) مَأْمُومٌ (قَبْلَهُ) أَيْ: إمَامِهِ (عَمْدًا بِلَا عُذْرٍ) لِلْمَأْمُومِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، لِأَنَّهُ تَرَكَ فَرْضَ الْمُتَابَعَةِ عَمْدًا (أَوْ) سَلَّمَ مَأْمُومٌ قَبْلَهُ (سَهْوًا وَلَمْ يُعِدْهُ) أَيْ: السَّلَامَ (بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ إمَامِهِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ صَلَاتِهِ قَبْلَ إمَامِهِ. وَإِنْ لَمْ يُعِدْهُ بَعْدَهُ فَقَدْ تَرَكَ فَرْضَ الْمُتَابَعَةِ. (وَ) إنْ سَلَّمَ مَأْمُومٌ (مَعَهُ) أَيْ: الْإِمَامِ فَإِنَّهُ (يُكْرَهُ) لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ سَلَّمَ الْأُولَى عَقِبَ فَرَاغِهِ مِنْهَا وَالثَّانِيَةَ كَذَلِكَ جَازَ، وَالْأَوْلَى إنْ سَلَّمَ عَقِبَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّسْلِيمَتَيْنِ. (وَلَا يَضُرُّ سَبْقُ) مَأْمُومٍ إمَامَهُ (بِقَوْلِ غَيْرِهِمَا) أَيْ: غَيْرِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ كَسَبْقِهِ بِالْقِرَاءَةِ، أَوْ التَّشَهُّدِ. وَلَا يُكْرَهُ (وَإِنْ سَبَقَ) مَأْمُومٌ إمَامَهُ (بِرُكْنِ) الرُّكُوعِ (بِأَنْ رَكَعَ) مَأْمُومٌ (وَرَفَعَ قَبْلَ رُكُوعِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ عَالِمًا عَمْدًا بَطَلَتْ نَصًّا لِأَنَّهُ سَبَقَهُ بِرُكْنٍ كَامِلٍ، هُوَ مُعْظَمُ الرَّكْعَةِ فَبَطَلَتْ كَمَا لَوْ سَبَقَهُ بِالسَّلَامِ (أَوْ) سَبَقَهُ (بِرُكْنَيْنِ بِأَنْ رَكَعَ وَرَفَعَ قَبْلَ رُكُوعِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ (وَهَوَى إلَى السُّجُودِ قَبْلَ رَفْعِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ (عَالِمًا) تَحْرِيمَ ذَلِكَ (عَمْدًا) غَيْرَ سَاهٍ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ، كَاَلَّتِي قَبْلَهَا وَأَوْلَى. وَمَا دَامَ فِي رُكْنٍ لَمْ يُعِدْ سَابِقًا حَتَّى يَتَخَلَّصَ مِنْهُ فَإِذَا رَكَعَ وَرَفَعَ فَقَدْ سَبَقَ بِالرُّكُوعِ لِأَنَّهُ تَخَلَّصَ مِنْهُ بِالرَّفْعِ وَلَمْ يَحْصُلْ السَّبَقُ بِالرَّفْعِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّصْ مِنْهُ فَإِذَا هَوَى إلَى السُّجُودِ فَقَدْ تَخَلَّصَ مِنْ الْقِيَامِ وَحَصَلَ السَّبَقُ بِرُكْنَيْنِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ. (وَ) إنْ سَبَقَهُ بِرُكْنٍ، أَوْ رُكْنَيْنِ (جَاهِلًا، أَوْ نَاسِيًا بَطَلَتْ الرَّكْعَةُ) الَّتِي وَقَعَ السَّبْقُ بِهَا (إنْ لَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ) أَيْ: بِمَا سَبَقَهُ بِهِ (مَعَهُ) أَيْ: الْإِمَامِ، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِحَدِيثِ {عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ} فَإِنْ أَتَى بِهِ اُعْتُدَّ لَهُ بِالرَّكْعَةِ و(لَا) تَبْطُلُ إنْ سَبَقَ إمَامَهُ (بِرُكْنٍ غَيْرِ رُكُوعٍ) كَقِيَامٍ وَهَوِيٍّ إلَى سُجُودٍ لِأَنَّ الرُّكُوعَ تُدْرَكُ بِهِ الرَّكْعَةُ وَتَفُوتُ بِفَوَاتِهِ فَغَيْرُهُ لَا يُسَاوِيهِ. (وَإِنْ تَخَلَّفَ) مَأْمُومٌ عَنْ إمَامِهِ (بِرُكْنٍ بِلَا عُذْرٍ فَكَسَبْقٍ) بِهِ بِلَا عُذْرٍ فَإِنْ كَانَ رُكُوعًا بَطَلَتْ، وَإِلَّا فَلَا (وَ) إنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ بِرُكْنٍ (لِعُذْرٍ) مِنْ نَوْمٍ، أَوْ سَهْوٍ، أَوْ زِحَامٍ وَنَحْوِهِ فَ (إنْ فَعَلَهُ) أَيْ: الرُّكْنَ الَّذِي تَخَلَّفَ بِهِ (وَلَحِقَهُ) صَحَّتْ رَكْعَتُهُ وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ، حَيْثُ أَمْكَنَهُ اسْتِدْرَاكُهُ مِنْ غَيْرِ مَحْذُورٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَفْعَلْهُ وَيَلْحَقْهُ بِأَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ (لَغَتْ الرَّكْعَةُ) الَّتِي تَخَلَّفَ عَنْهُ بِرُكْنِهَا، فَيَقْضِي بَدَلَهَا. (وَ) إنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ بِلَا عُذْرٍ (بِرُكْنَيْنِ بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ تَرَكَ الِائْتِمَامَ لِغَيْرِ عُذْرٍ أَشْبَهَ مَا لَوْ قَطَعَ الصَّلَاةَ. (وَ) إنْ كَانَ تَخَلُّفُهُ بِرُكْنَيْنِ (لِعُذْرٍ كَنَوْمٍ وَسَهْوٍ وَزِحَامٍ) لَمْ تَبْطُلْ لِلْعُذْرِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ وَيَلْحَقُ إمَامَهُ مَعَ أَمْنِ فَوْتِ الْآتِيَةِ، فَ (إنْ لَمْ يَأْتِ بِمَا تَرَكَهُ) بِتَخَلُّفِهِ (مَعَ أَمْنِ فَوْتِ) الرَّكْعَةِ (الْآتِيَةِ) بِاشْتِغَالِهِ بِفِعْلِ مَا تَخَلَّفَ بِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ خَافَ فَوْتَ الْآتِيَةِ إنْ أَتَى بِمَا تَخَلَّفَ بِهِ (لَغَتْ الرَّكْعَةُ) الَّتِي وَقَعَ فِيهَا التَّخَلُّفُ لِفَوَاتِ بَعْضِ أَرْكَانِهَا (وَ) الرَّكْعَةُ (الَّتِي تَلِيهَا) أَيْ: اللَّاغِيَةَ (عَوَضُهَا) فَيَبْنِي عَلَيْهَا وَيُتِمُّ إذَا سَلَّمَ إمَامُهُ. (وَإِنْ زَالَ عُذْرُ مَنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ) الرَّكْعَةَ (الْأُولَى وَقَدْ رَفَعَ إمَامُهُ مِنْ رُكُوعِ) الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ تَابَعَهُ) فِي السُّجُودِ (وَتَصِحُّ لَهُ رَكْعَةٌ مُلَفَّقَةٌ) مِنْ رَكْعَتَيْ إمَامِهِ (تُدْرَكُ بِهَا الْجُمُعَةُ) إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ جُمُعَةً، وَلَمْ نَقُلْ بِالتَّلْفِيقِ فِيمَنْ نَسِيَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ، لِتَحْصُلَ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ مُعْتَبَرٍ (وَإِنْ ظَنَّ) مَنْ أَدْرَكَ رُكُوعَ الْأُولَى، ثُمَّ حَصَلَ لَهُ عُذْرٌ وَزَالَ بَعْدَ رَفْعِ إمَامِهِ مِنْ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ (تَحْرِيمَ مُتَابَعَتِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ فِي سُجُودِ الثَّانِيَةِ (فَسَجَدَ) لِنَفْسِهِ (جَهْلًا اُعْتُدَّ بِهِ) أَيْ: بِالسُّجُودِ لِلْعُذْرِ، كَسُجُودِهِ يَظُنُّ إدْرَاكَ الْمُتَابَعَةِ فَفَاتَتْ، فَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي التَّشَهُّدِ. فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ يُدْرِكُ الْجُمُعَةَ (وَلَوْ أَدْرَكَهُ) أَيْ: الْمَأْمُومُ بَعْدَ أَنْ فَعَلَ مَا تَخَلَّفَ بِهِ عَنْهُ (فِي رُكُوعِ) الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ تَبِعَهُ) فِيهِ (وَتَمَّتْ جُمُعَتُهُ) لِأَنَّهُ قَدْ أَتَى بِالرَّكْعَتَيْنِ. (وَ) إنْ أَدْرَكَهُ (بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ (تَبِعَهُ) فِي سُجُودِهَا (وَقَضَى) أَيْ: أَتَى بِرَكْعَةٍ وَتَتِمُّ جُمُعَتُهُ (وَإِنْ تَخَلَّفَ) مَأْمُومٌ (بِرَكْعَةٍ فَأَكْثَرَ لِعُذْرٍ تَابَعَ) إمَامَهُ (وَقَضَى) مَا تَخَلَّفَ بِهِ (كَمَسْبُوقٍ) قَالَ أَحْمَدُ، فِي رَجُلٍ قَدْ نَعَسَ خَلْفَ الْإِمَامِ، حَتَّى صَلَّى رَكْعَتَيْنِ: كَأَنَّهُ أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. (وَسُنَّ لِإِمَامٍ التَّخْفِيفُ) لِلصَّلَاةِ (مَعَ الْإِتْمَامِ) لِلصَّلَاةِ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا {إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمْ السَّقِيمَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ فَإِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ} رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ وَتُكْرَهُ سُرْعَةُ إمَامٍ (تَمْنَعُ مَأْمُومًا فِعْلَ مَا يُسَنُّ) لَهُ فِعْلُهُ، كَقِرَاءَةِ السُّورَةِ وَمَا زَادَ عَلَى مَرَّةٍ فِي تَسْبِيحِ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَنَحْوِهِ. وَسُنَّ أَنْ يُرَتِّلَ الْقِرَاءَةَ وَالتَّسْبِيحَ وَالتَّشَهُّدَ بِقَدْرِ مَا يَرَى أَنَّ مَنْ يَثْقُلُ عَلَيْهِ مِمَّنْ خَلْفَهُ قَدْ أَتَى بِهِ، وَأَنْ يَتَمَكَّنَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ قَدْرَ مَا يَرَى أَنَّ الْكَبِيرَ وَالثَّقِيلَ وَغَيْرَهُمَا قَدْ أَتَى عَلَيْهِ، وَأَنْ يُخَفِّفَ لِنَحْوِ بُكَاءِ صَبِيٍّ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: تَلْزَمُهُ مُرَاعَاةُ الْمَأْمُومِ إنْ تَضَرَّرَ بِالصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ، أَوْ آخِرَهُ وَنَحْوَهُ. وَقَالَ لَيْسَ: لَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْقَدْرِ الْمَشْرُوعِ وَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَل غَالِبًا مَا كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ غَالِبًا وَيَزِيدُ وَيُنْقِصُ لِلْمَصْلَحَةِ كَمَا كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزِيدُ وَيُنْقِصُ أَحْيَانًا (مَا لَمْ يُؤْثِرْ مَأْمُومٌ التَّطْوِيلَ) فَإِنْ اخْتَارُوهُ كُلُّهُمْ لَمْ يُكْرَه لِزَوَالِ عِلَّةِ الْكَرَاهَةِ وَهِيَ التَّنْفِيرُ. قَالَ الْحَجَّاوِيُّ: إنْ كَانَ الْجَمْعُ قَلِيلًا فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَمْ يَخْلُ مِمَّنْ لَهُ عُذْرٌ. وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الرِّعَايَةِ (وَ) يُسَنُّ لِإِمَامٍ وَغَيْرِهِ (تَطْوِيلُ قِرَاءَةِ) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى عَنْ) قِرَاءَةِ الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ) لِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ مَرْفُوعًا {كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ، وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَكَانَ يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مَا لَا يُطَوِّلُ فِي الثَّانِيَةِ. وَهَكَذَا فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَهَكَذَا فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. زَادَ أَبُو دَاوُد {فَظَنَنَّا أَنَّهُ يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يُدْرِكَ النَّاسُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى} (إلَّا فِي صَلَاةِ خَوْفٍ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي) بِأَنْ كَانَ لِعَدُوٍّ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَقَسَّمَ الْمَأْمُومِينَ طَائِفَتَيْنِ (فَ) الرَّكْعَةُ (الثَّانِيَةُ أَطْوَلُ) مِنْ الْأُولَى، لِانْتِظَارِ الطَّائِفَةِ الَّتِي تَأْتِي لِتَأْتَمَّ بِهِ. وَيَأْتِي تَوْضِيحُهُ (أَوْ) إلَّا إذَا كَانَ تَطْوِيلُ قِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ عَنْ الْأُولَى (بِيَسِيرٍ كَ) مَا إذَا قَرَأَ بِ (سَبِّحْ وَالْغَاشِيَةِ) لِوُرُودِهِ فِي نَحْوِ الْجُمُعَةِ. (وَ) يُسَنُّ لِإِمَامٍ أَيْضًا (انْتِظَارُ دَاخِلٍ) مَعَهُ أَحَسَّ بِهِ فِي رُكُوعٍ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ الِانْتِظَارَ ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ لِإِدْرَاكِ الْجَمَاعَةِ. وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ هُنَا وَلِحَدِيثِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى {وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ حَتَّى لَا يَسْمَعَ وَقْعَ قَدَمٍ} رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَلِأَنَّهُ تَحْصِيلُ مَصْلَحَةٍ بِلَا مَضَرَّةٍ (إنْ لَمْ يَشُقَّ) انْتِظَارُهُ (عَلَى مَأْمُومٍ) لِأَنَّ حُرْمَةَ مَنْ مَعَهُ أَعْظَمُ، فَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِ لِنَفْعِ الدَّاخِلِ. (وَمَنْ اسْتَأْذَنَتْهُ امْرَأَتُهُ) إلَى الْمَسْجِدِ (أَوْ) اسْتَأْذَنَتْهُ (أَمَتُهُ إلَى الْمَسْجِدِ) لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا (كُرِهَ) لَهُ (مَنْعُهَا) مِنْهُ لِحَدِيثِ {لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ تَعَالَى} وَتَخْرُجُ تَفِلَةً غَيْرَ مُطَيَّبَةٍ وَلَا لَابِسَةً ثَوْبَ زِينَةٍ (وَبَيْتُهَا خَيْرٌ لَهَا) لِقَوْلِهِ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ، وَلْيَخْرُجْنَ تَفِلَاتٍ} رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَظَاهِرُهُ: حَتَّى مَسْجِدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَلِأَبٍ ثُمَّ وَلِيٍّ مَحْرَمٍ " لِامْرَأَةٍ كَأَخٍ وَعَمٍّ (مَنْعُ مُوَلِّيَتِهِ) مِنْ خُرُوجٍ مِنْ بَيْتِهَا (إنْ خَشِيَ) بِخُرُوجِهَا (فِتْنَةً، أَوْ ضَرَرًا) اسْتِحْبَابًا لِلْحَصَانَةِ. قَالَ أَحْمَدُ: الزَّوْجُ أَمْلَكُ مِنْ الْأَبِ (وَ) لِمَنْ ذُكِرَ مَنْعُهَا (مِنْ الِانْفِرَادِ) لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ دُخُولُ مَنْ يُفْسِدُهَا، وَيُلْحِقُ الْعَارَ بِهَا وَبِأَهْلِهَا.
(الْجِنُّ مُكَلَّفُونَ فِي الْجُمْلَةِ) إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلَّا لِيَعْبُدُونَ} (يَدْخُلُ كَافِرُهُمْ النَّارَ) إجْمَاعًا (وَ) يَدْخُلُ (مُؤْمِنُهُمْ الْجَنَّةَ) لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَيَصِيرُونَ تُرَابًا كَالْبَهَائِمِ وَثَوَابُهُ النَّجَاةُ مِنْ النَّارِ (وَهُمْ) أَيْ: مُؤْمِنُو الْجِنِّ (فِيهَا) أَيْ: الْجِنَّةِ (كَغَيْرِهِمْ) مِنْ الْآدَمِيِّينَ (عَلَى قَدْرِ ثَوَابِهِمْ) لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: لَا يَأْكُلُونَ وَلَا يَشْرَبُونَ، أَوْ أَنَّهُمْ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ، أَيْ: مَا حَوْلَهَا. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَنَرَاهُمْ فِيهَا وَلَا يَرَوْنَنَا (وَتَنْعَقِدُ بِهِمْ) أَيْ: مُؤْمِنِي الْجِنِّ (الْجَمَاعَةُ) قَالَ فِي شَرْحِهِ: لَا الْجُمُعَةُ. وَفِي النَّوَادِرِ: تَنْعَقِدُ الْجُمُعَةُ وَالْجَمَاعَةُ بِالْمَلَائِكَةِ وَبِمُسْلِمِي الْجِنِّ، وَهُوَ مَوْجُودٌ زَمَنَ النُّبُوَّةِ وَذَكَرَهُ أَيْضًا عَنْ أَبِي الْبَقَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَا، وَالْمُرَادُ بِالْجُمُعَةِ مَنْ لَزِمَتْهُ (وَلَيْسَ مِنْهُمْ رَسُولٌ) وقَوْله تَعَالَى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} وقَوْله تَعَالَى: {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا} قَالَ ابْنُ حَامِدٍ: وَمَذَاهِبُ الْعُلَمَاءِ إخْرَاجُ الْمَلَائِكَةِ عَنْ التَّكْلِيفِ وَالْوَعِيدِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَيْسَ الْجِنُّ كَالْإِنْسِ فِي الْحَدِّ وَالْحَقِيقَةِ فَلَا يَكُونُ مَا أُمِرُوا بِهِ وَمَا نُهُوا عَنْهُ مُسَاوِيًا لِمَا عَلَى الْإِنْسِ فِي الْحَدِّ وَالْحَقِيقَةِ لَكِنَّهُمْ شَارِكُوهُمْ فِي جِنْسِ التَّكْلِيفِ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْي وَالتَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ، بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ. اهـ. وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {كَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً} يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُبْعَثْ إلَيْهِمْ نَبِيٌّ قَبْلَ نَبِيِّنَا. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ (وَيُقْبَلُ قَوْلُهُمْ) أَيْ: الْجِنِّ (إنَّ مَا بِيَدِهِمْ مِلْكُهُمْ مَعَ إسْلَامِهِمْ) كَمَا يَقْبَلُ قَوْلُ الْآدَمِيِّ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ فَيَصِحُّ مُعَامَلَتُهُمْ بِشَرْطِهَا. وَيَجْرِي التَّوَارُثُ بَيْنَهُمْ (وَكَافِرُهُمْ كَالْحَرْبِيِّ) يُقْتَلُ إنْ لَمْ يُسْلِمْ (وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ ظُلْمُ الْآدَمِيِّينَ وَظُلْمُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا) لِلْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ {يَا عِبَادِي إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا} رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَكَانَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إذَا أُتِيَ بِالْمَصْرُوعِ وَعَظَ مَنْ صَرَعَهُ وَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَإِذَا انْتَهَى وَفَارَقَ الْمَصْرُوعَ، أَخَذَ عَلَيْهِ الْعَهْدَ أَنْ لَا يَعُودَ، وَإِنْ لَمْ يَأْتَمِرْ وَلَمْ يَنْتَهِ وَلَمْ يُفَارِقْهُ ضَرَبَهُ حَتَّى يُفَارِقَهُ، وَالضَّرْبُ يَقَعُ فِي الظَّاهِرِ عَلَى الْمَصْرُوعِ وَإِنَّمَا يَقَعُ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى مَنْ صَرَعَهُ بِهِ وَيَصِيحُ وَيُخْبِرُ الْمَصْرُوعُ إذَا أَفَاقَ بِأَنَّهُ لَمْ يَشْعُرْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (وَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهُمْ) أَيْ: مُؤْمِنِي الْجِنِّ لِعَدَمِ الْمَانِعِ وَأَمَّا مَا يَذْبَحُهُ الْآدَمِيُّ لِئَلَّا يُصِيبَهُ أَذًى مِنْ الْجِنِّ فَنُهِيَ عَنْهُ (وَبَوْلُهُمْ وَقَيْؤُهُمْ طَاهِرَانِ) لِظَاهِرِ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ {قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ نَامَ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ قَالَ ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ خَصَّ الْأُذُنَ لِأَنَّهَا آلَةُ الِانْتِبَاه قَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: ظَهَرَ عَلَيْهِ وَسَخِرَ مِنْهُ وَلِحَدِيثِ {لَمَّا سَمَّى ذَلِكَ الرَّجُلُ فِي أَثْنَاءِ طَعَامِهِ قَالَ قَاءَ الشَّيْطَانُ كُلَّ شَيْءِ أَكَلَهُ} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
(الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ الْأَجْوَدُ قِرَاءَةً الْأَفْقَهُ) لِجَمْعِهِ بَيْنَ الْمَرْتَبَتَيْنِ فِي الْقِرَاءَةِ وَالْفِقْهِ (ثُمَّ) يَلِيهِ (الْأَجْوَدُ قِرَاءَةً الْفَقِيهُ) لِحَدِيثِ {يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى} (ثُمَّ) يَلِيهِ (الْأَقْرَأُ) جَوْدَةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيهًا إنْ كَانَ يَعْرِفُ فِقْهَ صَلَاتِهِ، حَافِظًا لِلْفَاتِحَةِ، لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ. وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ {لِيُؤَذِّنْ لَكُمْ خِيَارُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَقْرَؤُكُمْ} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَأَجَابَ أَحْمَدُ عَنْ قَضِيَّةِ تَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ: بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا قَدَّمَهُ عَلَى مَنْ هُوَ أَقْرَأُ مِنْهُ لِتَفْهَمَ الصَّحَابَةُ مِنْ تَقْدِيمِهِ فِي الْإِمَامَةِ الصُّغْرَى اسْتِحْقَاقَهُ لِلْإِمَامَةِ الْكُبْرَى وَتَقْدِيمَهُ فِيهَا عَلَى غَيْرِهِ. وَإِنَّمَا قُدِّمَ الْأَقْرَأُ جَوْدَةً عَلَى الْأَكْثَرِ قُرْآنًا لِأَنَّهُ أَعْظَمَ أَجْرًا، لِحَدِيثِ {مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَأَعْرَبَهُ فَلَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَمَنْ قَرَأَهُ وَلَحَنَ فِيهِ فَلَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ حَسَنَةٌ} رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيح وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إعْرَابُ الْقُرْآنِ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ حِفْظِ بَعْضِ حُرُوفِهِ (ثُمَّ) مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْجَوْدَةِ يُقَدَّمُ (الْأَكْثَرُ قُرْآنًا الْأَفْقَهُ) لِجَمْعِهِ الْفَضِيلَتَيْنِ (ثُمَّ) يَلِيهِ (الْأَكْثَرُ قُرْآنًا الْفَقِيهُ ثُمَّ) يَلِيهِ (قَارِئٌ) أَيْ: حَافِظٌ لِمَا يَجِبُ فِي الصَّلَاةِ (أَفْقَهُ ثُمَّ) يَلِيهِ (قَارِئٌ فَقِيهٌ ثُمَّ قَارِئٌ عَالَمٌ فِقْهَ صَلَاتِهِ مِنْ شُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا) وَوَاجِبَاتِهَا وَمُبْطِلَاتِهَا وَنَحْوِهَا (ثُمَّ قَارِئٌ لَا يَعْلَمُهُ) أَيْ: فِقْهَ صَلَاتِهِ، بَلْ يَأْتِي بِهَا عَادَةً. فَتَصِحُّ إمَامَتُهُ (ثُمَّ) إنْ اسْتَوَوْا فِي عَدَمِ الْقِرَاءَةِ قُدِّمَ (أَفْقَهُ وَأَعْلَمُ بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ) لِمَزِيَّةِ الْفِقْهِ (ثُمَّ) إنْ اسْتَوَوْا فِي الْقِرَاءَةِ وَالْفِقْهِ، فَالْأَوْلَى ( أَسَنُّ) أَيْ: أَكْبَرُ لِحَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ مَرْفُوعًا {إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ، وَإِجَابَةِ الدُّعَاءِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ: تَقْدِيمُ الْأَقْدَمِ هِجْرَةً عَلَى الْأَسَنِّ وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: اخْتَارَهُ الشَّيْخَانِ انْتَهَى. وَجَزَمَ بِهِ جَمْعٌ لِحَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ (ثُمَّ) مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي السِّنِّ أَيْضًا (أَشْرَفُ وَهُوَ الْقُرَشِيُّ) إلْحَاقًا لِلْإِمَامَةِ الصُّغْرَى بِالْكُبْرَى، {وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ} وَقَوْلِهِ {قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقَدَّمُوهَا} (فَتُقَدَّمُ بَنُو هَاشِمٍ) عَلَى غَيْرِهِمْ، لِمَزِيَّتِهِمْ بِالْقُرْبِ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ثُمَّ) بَاقِي (قُرَيْشٍ. ثُمَّ) مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الشَّرَفِ أَيْضًا (الْأَقْدَمُ هِجْرَةً بِنَفْسِهِ لَا بِآبَائِهِ) لِحَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ مَرْفُوعًا {يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسَّنَةِ فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ}. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. (وَسَبْقٌ بِإِسْلَامٍ كَ) سَبْقٍ (بِهِجْرَةٍ) فَيُقَدَّمُ مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِيمَا تَقَدَّمَ السَّابِقُ إسْلَامًا مِمَّنْ أَسْلَمَ بِدَارِ إسْلَامٍ وَإِلَّا فَالسَّابِقُ إلَيْنَا هِجْرَةً كَمَا فِي الشَّرْحِ وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ مَسْبُوقًا فِي الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ أَسْبَقُ إلَى الطَّاعَةِ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ {فَأَقْدَمُهُمَا سِلْمًا أَيْ: إسْلَامًا} (ثُمَّ) مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِيمَا تَقَدَّمَ (الْأَتْقَى وَالْأَوْرَعُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} وَلِأَنَّ مَقْصُودَ الصَّلَاةِ الْخُضُوعُ، وَرَجَاءَ إجَابَةِ الدُّعَاءِ. وَالْأَتْقَى وَالْأَوْرَعُ أَقْرَبُ إلَى ذَلِكَ، لَا سِيمَا وَالدُّعَاءُ لِلْمَأْمُومِينَ مِنْ بَابِ الشَّفَاعَةِ الْمُسْتَدْعِيَةِ كَرَامَةَ الشَّافِعِ عِنْدَ الْمَشْفُوعِ عِنْدَهُ. قَالَ الْقُشَيْرِيِّ فِي رِسَالَتِهِ: الْوَرَعُ اجْتِنَابُ الشُّبُهَاتِ، زَادَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ: خَوْفًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى (ثُمَّ يُقْرَعُ) إنْ اسْتَوَوْا فِي كُلِّ مَا تَقَدَّمَ وَتَشَاحُّوا فَمَنْ قُرِعَ صَاحِبُهُ فَهُوَ أَحَقُّ. قِيَاسًا عَلَى الْأَذَانِ (وَصَاحِبُ الْبَيْتِ) الصَّالِحُ لِلْإِمَامَةِ وَلَوْ عَبْدًا أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ مِمَّنْ حَضَرَ، فِي بَيْتِهِ لِقَوْلِهِ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي بَيْتِهِ} وَلِأَبِي دَاوُد عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ مَرْفُوعًا {مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلَا يَؤُمَّهُمْ، وَلْيَؤُمَّهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ} (وَإِمَامُ الْمَسْجِدِ) الرَّاتِبُ الصَّالِحُ لِلْإِمَامَةِ (وَلَوْ) كَانَ (عَبْدًا أَحَقُّ) بِالْإِمَامَةِ فِيهِ، وَلَوْ حَضَرَ أَفْقَهُ، أَوْ أَقْرَأُ كَصَاحِبِ الْبَيْتِ. وَلِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَتَى أَرْضًا لَهُ، وَعِنْدَهَا مَسْجِدٌ يُصَلِّي فِيهِ مَوْلًى لَهُ فَصَلَّى ابْنُ عُمَرَ مَعَهُمْ فَسَأَلُوهُ أَنْ يَؤُمَّهُمْ، فَأَبَى وَقَالَ: " صَاحِبُ الْمَسْجِدِ أَحَقُّ " رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ وَلِأَنَّ التَّقَدُّمَ عَلَيْهِ يُسِيءُ الظَّنَّ بِهِ وَيُنَفِّرُ عَنْهُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَّجِهُ يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُهُمَا لِأَفْضَلَ مِنْهُمَا (إلَّا مِنْ ذِي سُلْطَانٍ فِيهِمَا) فَيُقَدَّمُ ذُو سُلْطَانٍ عَلَى صَاحِبِ بَيْتٍ، وَإِمَامِ الْمَسْجِدِ {لِقَوْلِهِ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَلَا فِي سُلْطَانِهِ وأَمَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِتْبَانُ بْنَ مَالِكٍ وَأَنَسًا فِي بُيُوتِهِمَا} وَلِعُمُومِ وِلَايَتِهِ (وَ) إلَّا الْعَبْدَ فَلَيْسَ أَوْلَى مِنْ (سَيِّدِهِ فِي بَيْتِهِ) بَلْ السَّيِّدُ لِوِلَايَتِهِ عَلَى صَاحِبِ الْبَيْتِ. وَلَا تُكْرَه إمَامَةُ عَبْدٍ فِي غَيْرِ جُمُعَةٍ وَعِيدٍ (وَحُرٌّ أَوْلَى) بِإِمَامَةٍ (مِنْ عَبْدٍ وَ) مِنْ (مُبَعَّضٍ) لِأَنَّهُ أَكْمَلُ وَأَشْرَفُ (وَهُوَ) أَيْ: الْمُبَعَّضُ وَكَذَا الْمُكَاتَبُ (أَوْلَى مِنْ عَبْدٍ) لِأَنَّ فِيهِ بَعْضَ أَكْمَلِيَّةٍ وَأَشْرَفِيَّةٍ (وَحَاضِرٌ) أَيْ: مُقِيمٌ، أَوْلَى مِنْ مُسَافِرٍ سَفَرَ قَصْرٍ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا قَصَرَ فَفَاتَ الْمَأْمُومِينَ بَعْضُ الصَّلَاةِ جَمَاعَةً. وَلَا تُكْرَه إمَامَةُ مُسَافِرٍ بِمُقِيمِينَ، إنْ قَصَرَ فَإِنْ أَتَمَّ كُرِهَتْ (وَبَصِيرٌ)، أَوْلَى مِنْ أَعْمًى لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى تَوَقِّي النَّجَاسَاتِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ (وَحَضَرِيٌّ) وَهُوَ النَّاشِئُ بِالْمُدُنِ وَالْقُرَى أَوْلَى مِنْ بَدْوِيٍّ وَهُوَ النَّاشِئُ بِالْبَادِيَةِ، لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ الْجَفَاءُ، وَقِلَّةُ الْمَعْرِفَةِ بِحُدُودِ أَحْكَامِ الصَّلَاةِ. قَالَ تَعَالَى، فِي حَقِّ الْأَعْرَابِ {وَأَجْدَرُ أَنْ لَا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} وَذَلِكَ لِبُعْدِهِمْ عَمَّنْ يَتَعَلَّمُونَ مِنْهُ (وَمُتَوَضِّئٍ)، أَوْلَى مِنْ مُتَيَمِّمٍ لِأَنَّ الْوُضُوءَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ، بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ (وَمُعِيرٌ)، أَوْلَى مِنْ مُسْتَعِيرٍ فِي الْبَيْتِ الْمُعَارِ لِمِلْكِهِ مَعَ الْمُسْتَعِيرِ (وَمُسْتَأْجِرٌ)، أَوْلَى مِنْ مُؤَجَّرٍ فِي الْبَيْتِ الْمُؤَجَّرِ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ لِمَنْفَعَتِهِ وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ (أَوْلَى مِنْ ضِدِّهِمْ) الْمُتَقَدِّمِ بَيَانُهُ. (وَتُكْرَه إمَامَةُ غَيْرِ الْأَوْلَى بِلَا إذْنِهِ) لِلِافْتِيَاتِ عَلَيْهِ (غَيْرَ إمَامِ مَسْجِدٍ) رَاتِبٍ (وَصَاحِبِ بَيْتٍ فَتَحْرُمُ) إمَامَةُ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ كَمَا سَبَقَ. (وَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ فَاسِقٍ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ فِسْقُهُ بِالِاعْتِقَادِ، أَوْ بِالْأَفْعَالِ الْمُحَرَّمَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ} وَحَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا {لَا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلًا، وَلَا أَعْرَابِيٌّ مُهَاجِرًا، وَلَا فَاجِرٌ مُؤْمِنًا، إلَّا أَنْ يَقْهَرَهُ بِسُلْطَانٍ يَخَافُ سَوْطَهُ وَسَيْفَهُ} وَسَوَاءٌ أَعْلَنَ فِسْقَهُ، أَوْ أَخْفَاهُ، وَتَصِحُّ خَلْفَ نَائِبِهِ الْعَدْلِ وَلَا يَؤُمَّ فَاسِقٌ فَاسِقًا لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ رَفْعُ مَا عَلَيْهِ مِنْ النَّقْصِ وَيُعِيدُ مَنْ صَلَّى خَلْفَ فَاسِقٍ مُطْلَقًا وَمَنْ صَلَّى بِأُجْرَةٍ لَمْ يُصَلَّ خَلْفَهُ قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَإِنْ أَعْطَى بِلَا شَرْطٍ فَلَا بَأْسَ، نَصًّا (إلَّا فِي جُمُعَةٍ وَعِيدٍ تَعَذُّرًا خَلْفَ غَيْرِهِ) أَيْ: الْفَاسِقِ، بِأَنْ تَتَعَذَّرَ أُخْرَى خَلْفَ عَدْلٍ لِلضَّرُورَةِ. وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ ثُمَّ يُصَلِّي الظُّهْرَ أَرْبَعًا قَالَ: فَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ فَرْضًا فَلَا يَضُرُّ صَلَاتِي، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَانَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ ظُهْرًا أَرْبَعًا (وَإِنْ خَافَ إنْ) لَمْ يُصَلِّ خَلْفَ فَاسِقٍ (أَذًى، صَلَّى خَلْفَهُ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إلَّا أَنْ يَقْهَرَهُ بِسُلْطَانٍ} إلَخْ (وَأَعَادَ) نَصًّا (فَإِنْ وَافَقَهُ) أَيْ: الْفَاسِقَ (فِي الْأَفْعَالِ مُنْفَرِدٌ) بِأَنْ لَمْ يَنْوِ الِاقْتِدَاءَ بِهِ (أَوْ) وَافَقَهُ فِي الْأَفْعَالِ (فِي جَمَاعَةٍ خَلْفَهُ بِإِمَامٍ) عَدْلٍ (لَمْ يُعِدْ) لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتَدِ بِفَاسِقٍ وَكَذَا إنْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، وَالْإِمَامُ لَا يَصْلُحُ، وَيُصَلِّي خَلْفَ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ. (وَتَصِحُّ) صَلَاةُ فَرْضٍ وَنَفْلٍ (خَلْفَ أَعْمَى أَصَمَّ) لِأَنَّ فَقْدَهُ تِلْكَ الْحَاسَّتَيْنِ لَا يُخِلُّ بِشَيْءٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَلَا شُرُوطِهَا (وَ) تَصِحُّ خَلْفَ (أَقَلْفَ) لِأَنَّهُ ذَكَرٌ مُسْلِمٌ عَدْلٌ قَارِئٌ فَصَحَّتْ إمَامَتُهُ كَالْمُخْتَتَنِ، ثُمَّ إنْ كَانَ مَفْتُوقًا فَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِ النَّجَاسَةِ الَّتِي تَحْتَ الْقَلَفَةِ، وَإِلَّا فَهِيَ مَعْفُوٌّ عَنْهَا لَا تُؤَثِّرُ فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ. (وَ) تَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَ (أَقْطَعَ يَدَيْنِ، أَوْ) أَقْطَعَ (رِجْلَيْنِ، أَوْ إحْدَاهُمَا) أَيْ: أَقْطَعَ يَدٍ، أَوْ رِجْلٍ إذَا أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ وَإِلَّا فَبِمِثْلِهِ (أَوْ) أَقْطَعَ (أَنْفٍ) فَتَصِحُّ إمَامَتُهُ كَغَيْرِهِ. (وَ) تَصِحُّ خَلْفَ (كَثِيرِ لَحْنٍ لَمْ يُحِلْ الْمَعْنَى) كَجَرِّ دَالِ الْحَمْدِ، وَضَمِّ هَاءِ لِلَّهِ، وَنَحْوِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُؤْتَمُّ مِثْلَهُ، أَوْ كَانَ لَا يَلْحَنُ لِأَنَّ مَدْلُولَ اللَّفْظِ بَاقٍ، لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ، كَمَا يَأْتِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَثِيرَ اللَّحْنِ لَمْ يُكْرَهْ كَمَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ يَسِيرًا إذْ قَلَّ مَنْ يَخْلُو مِنْ ذَلِكَ وَيَحْرُمُ تَعَمُّدُهُ. (وَ) تَصِحُّ خَلْفَ (الْفَأْفَاءِ) بِالْمَدِّ (الَّذِي يُكَرِّرُ الْفَاءَ، وَ) خَلْفَ (التَّمْتَامِ) الَّذِي يُكَرِّرُ التَّاءَ (وَ) خَلْفَ (مَنْ لَا يَفْصَحُ بِبَعْضِ الْحُرُوفِ) كَالْقَافِ وَالضَّادِ (أَوْ) كَانَ (يُصْرَعُ، مَعَ الْكَرَاهَةِ) فِي الْكُلِّ لِلِاخْتِلَافِ فِي صِحَّةِ إمَامَتِهِمْ، قَالَ جَمَاعَةٌ: وَمَنْ تُضْحِكُ صُورَتُهُ، أَوْ رُؤْيَتُهُ. وَ (لَا) تَصِحُّ صَلَاةٌ (خَلْفَ أَخْرَسَ) وَلَوْ بِأَخْرَسَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِفَرْضِ الْقِرَاءَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ. (وَ) لَا تَصِحُّ خَلْفَ (كَافِرٍ) وَلَوْ مَعَ جَهْلِ كُفْرِهِ، ثُمَّ عُلِمَ لِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ لِنَفْسِهِ، فَلَا تَصِحُّ لِغَيْرِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ أَصْلِيًّا، أَوْ مُرْتَدًّا مِنْ جِهَةِ بِدْعَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا (وَإِنْ قَالَ) إمَامٌ (مَجْهُولٌ) دِينُهُ بَعْدَ سَلَامِهِ (هُوَ كَافِرٌ وَإِنَّمَا صَلَّى اسْتِهْزَاءً أَعَادَ مَأْمُومٌ) بِهِ صَلَاتَهُ كَمَنْ ظَنَّ كُفْرَهُ، أَوْ حَدَّثَهُ فَبَانَ بِخِلَافِهِ. وَإِنْ عَلِمَ إسْلَامَهُ فَقَالَ بَعْدَ سَلَامِهِ: هُوَ كَافِرٌ وَإِنَّمَا صَلَّى اسْتِهْزَاءً لَمْ يُؤَثِّرْ فِي صَلَاةِ مَأْمُومٍ (وَإِنْ عُلِمَ لَهُ) أَيْ: الْإِمَامِ (حَالَانِ) مِنْ رِدَّةٍ وَإِسْلَامٍ (أَوْ) عُلِمَ لَهُ (إفَاقَةٌ وَجُنُونٌ وَأَمَّ فِيهِمَا) أَيْ: فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (وَلَمْ يَدْرِ) مَأْمُومٌ (فِي أَيِّهِمَا) أَيْ: الْحَالَتَيْنِ (ائْتَمَّ) بِهِ (فَإِنْ عَلِمَ) مَأْمُومٌ (قَبْلَهَا) أَيْ: إمَامَتِهِ (إسْلَامَهُ أَوْ) عَلِمَ قَبْلَهَا (إفَاقَتَهُ، وَشَكَّ) مَأْمُومٌ (فِي رِدَّتِهِ، أَوْ جُنُونِهِ لَمْ يُعِدْ) مَأْمُومٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، أَوْ الْإِفَاقَةِ وَإِلَّا أَعَادَ وَلَا يُصَلِّي خَلْفَهُ حَتَّى يَعْلَمَ: عَلَى أَيِّ دِينٍ هُوَ؟. (وَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ مَنْ بِهِ حَدَثٌ مُسْتَمِرٌّ) كَرُعَافٍ وَسَلَسٍ وَجُرْحٍ لَا يَرْقَأُ دَمُهُ أَوْ دُودُهُ إلَّا بِمِثْلِهِ لِأَنَّ فِي صَلَاتِهِ خَلَلًا غَيْرَ مَجْبُورٍ بِبَدَلٍ وَإِنَّمَا صَحَّتْ لِنَفْسِهِ لِلضَّرُورَةِ. (أَوْ) أَيْ: وَلَا تَصِحُّ خَلْفَ (عَاجِزٍ عَنْ رُكُوعٍ، أَوْ سُجُودٍ، أَوْ قُعُودٍ وَنَحْوِهِ) كَاعْتِدَالٍ، أَوْ شَيْءٍ مِنْ الْوَاجِبَاتِ (أَوْ) عَاجِزٍ عَنْ (شَرْطٍ) كَاسْتِقْبَالٍ وَاجْتِنَابِ نَجَاسَةٍ وَعَادِمِ الطَّهُورَيْنِ لِمَا تَقَدَّمَ (إلَّا بِمِثْلِهِ) فِي الْعَجْزِ عَنْ ذَلِكَ الرُّكْنِ، أَوْ الشَّرْطِ (وَكَذَا) الْعَاجِزُ (عَنْ قِيَامٍ) لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ فِي الْفَرْضِ إلَّا بِمِثْلِهِ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ رُكْنِ الصَّلَاةِ فَلَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاءُ الْقَادِرِ عَلَيْهِ بِهِ، كَالْعَاجِزِ عَنْ الْقِرَاءَةِ. (إلَّا الرَّاتِبَ بِمَسْجِدٍ) إذَا عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ لِعِلَّةٍ (الْمَرْجُوِّ زَوَالُ عِلَّتِهِ، وَيَجْلِسُونَ) أَيْ: الْمَأْمُومُونَ، وَلَوْ مَعَ قُدْرَتِهِمْ عَلَى الْقِيَامِ (خَلْفَهُ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ {صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاكٍ، فَصَلَّى جَالِسًا، وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا فَأَشَارَ إلَيْهِمْ: أَنْ اجْلِسُوا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ إلَى أَنْ قَالَ: وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رُوِيَ هَذَا مَرْفُوعًا مِنْ طُرُقٍ مُتَوَاتِرَةٍ (وَتَصِحُّ) صَلَاتُهُمْ خَلْفَهُ (قِيَامًا) لِأَنَّ الْقِيَامَ هُوَ الْأَصْلُ وَلَمْ يَأْمُرْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ قَائِمًا بِالْإِعَادَةِ. (وَإِنْ اعْتَلَّ) الْإِمَامُ (فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ (فَجَلَسَ) بَعْدَ أَنْ ابْتَدَأَهَا قَائِمًا (أَتَمُّوا) خَلْفَهُ (قِيَامًا) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " صَلَّى فِي مَرَضِ مَوْتِهِ قَاعِدًا وَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامًا " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ ابْتَدَأَ بِهِمْ الصَّلَاةَ قَائِمًا كَمَا أَجَابَ بِهِ أَحْمَدُ فَوَجَبَ أَنْ يُتِمُّوهَا كَذَلِكَ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأَخْبَارِ، أَوْلَى مِنْ دَعْوَى النَّسْخِ، ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ هُوَ الْإِمَامُ، كَمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ وَأَنَسٍ. (وَإِنْ تَرَكَ إمَامٌ رُكْنًا) مُخْتَلَفًا فِيهِ، كَطُمَأْنِينَةٍ بِلَا تَأْوِيلٍ، أَوْ تَقْلِيدٍ، أَعَادَ هُوَ وَمَأْمُومٌ (أَوْ) تَرَكَ إمَامٌ (شَرْطًا مُخْتَلَفًا فِيهِ) كَسَتْرِ أَحَدِ الْعَاتِقَيْنِ فِي فَرْضٍ (بِلَا تَأْوِيلٍ، أَوْ) بِلَا (تَقْلِيدٍ) لِمُجْتَهِدٍ أَعَادَ (أَوْ) تَرَكَ إمَامٌ (رُكْنًا) عِنْدَهُ وَحْدَهُ (أَوْ) تَرَكَ (شَرْطًا عِنْدَهُ وَحْدَهُ عَالِمًا) بِأَنَّهُ رُكْنٌ، أَوْ شَرْطٌ (أَعَادَا) أَيْ: الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ، أَمَّا الْإِمَامُ فَلِتَرْكِهِ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ صَلَاتِهِ وَلِهَذَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسِيءَ صَلَاتَهُ بِالْإِعَادَةِ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلِاقْتِدَائِهِ بِمَنْ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَقَوْلُهُ " عَالِمًا " لَا مَفْهُومَ لَهُ إلَّا إذَا نَسِيَ حَدَثَهُ أَوْ نَجَسَهُ، كَمَا يَأْتِي مُفَصَّلًا إذْ الشُّرُوطُ لَا تَسْقُطُ عَمْدًا وَلَا سَهْوًا، كَالْأَرْكَانِ وَكَذَا لَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ وَاجِبًا عَمْدًا. (وَ) إنْ تَرَكَ إمَامٌ رُكْنًا، أَوْ شَرْطًا، أَوْ وَاجِبًا (عِنْدَ مَأْمُومٍ وَحْدَهُ) كَحَنَفِيٍّ صَلَّى بِحَنْبَلِيٍّ، وَكَشَفَ عَاتِقَيْهِ وَلَمْ يَطْمَئِنَّ، وَلَمْ يُكَبِّرْ لِانْتِقَالِهِ (لَمْ يُعِيدَا) لِأَنَّ الْإِمَامَ تَصِحُّ صَلَاتُهُ لِنَفْسِهِ فَصَحَّتْ لِمَنْ خَلْفَهُ وَكَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ يُصَلِّي بَعْضُهُمْ خَلْفَ بَعْضٍ، مَعَ اخْتِلَافِهِمْ فِي الْفُرُوعِ. (وَإِنْ اعْتَقَدَهُ) أَيْ: الْمَتْرُوكَ مِنْ رُكْنٍ، أَوْ شَرْطٍ، أَوْ وَاجِبٍ لَا يَعْتَقِدُهُ الْإِمَامُ (مَأْمُومٌ مُجْمَعًا عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى رُكْنِيَّتِهِ، أَوْ شَرْطِيَّتِهِ، أَوْ وُجُوبِهِ (فَبَانَ خِلَافُهُ) أَيْ: بَانَ أَنَّهُ لَيْسَ رُكْنًا وَلَا شَرْطًا وَلَا وَاجِبًا عِنْدَ الْإِمَامِ (أَعَادَ) مَأْمُومٌ وَحْدَهُ لِاعْتِقَادِهِ بُطْلَانَ صَلَاةِ إمَامِهِ. (وَتَصِحُّ) الصَّلَاةُ (خَلْفَ مَنْ خَالَفَ) مَأْمُومَهُ (فِي فَرْعٍ لَمْ يَفْسُقْ بِهِ) كَالصَّلَاةِ خَلْفَ مَنْ يَرَى صِحَّةَ النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ، أَوْ شَهَادَةٍ، لِفِعْلِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فَإِنْ خَالَفَ فِي أَصْلٍ كَمُعْتَزِلَةٍ، أَوْ فَرْعٍ فَسَقَ بِهِ كَمَنْ شَرِبَ مِنْ النَّبِيذِ مَا لَا يُسْكِرُهُ مَعَ اعْتِقَادِ تَحْرِيمِهِ وَأَدْمَنَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ لِفِسْقِهِ (وَلَا إنْكَارَ فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ) أَيْ: لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُنْكِرَ عَلَى مُجْتَهِدٍ، أَوْ مُقَلِّدٍ، فِيمَا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ وَلَوْ قُلْنَا الْمُصِيبُ وَاحِدٌ لِعَدَمِ الْقَطْعِ بِعَيْنِهِ. (وَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ امْرَأَةٍ) لِرَجُلٍ لِمَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا {لَا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلًا} وَلِأَنَّهَا لَا تُؤَذِّنُ لِلرِّجَالِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تَؤُمَّهُمْ كَالْمَجْنُونِ، وَلَا إمَامَتُهَا أَيْضًا لِخُنْثَى فَأَكْثَرَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا. (وَ) لَا تَصِحُّ إمَامَةُ (خُنْثَى لِرِجَالٍ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً (أَوْ) أَيْ: وَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ خُنْثَى (لِخَنَاثَى) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ امْرَأَةً وَالْمَأْمُومُونَ ذُكُورًا. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَلَوْ صَلَّى رَجُلٌ خَلْفَهُمَا لَمْ يَعْلَمْ، ثُمَّ عَلِمَ لَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ وَعُلِمَ مِنْهُ: صِحَّةُ إمَامَةِ رَجُلٍ لِرَجُلٍ، وَخُنْثَى وَامْرَأَةٍ، وَإِمَامَةُ خُنْثَى وَامْرَأَةٍ لِامْرَأَةٍ (إلَّا عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُتَقَدِّمِينَ، إنْ كَانَا) أَيْ: الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى (قَارِئَيْنِ وَالرِّجَالُ أُمِّيُّونَ) فَتَصِحُّ إمَامَتُهَا بِهِمْ (فِي تَرَاوِيحَ فَقَطْ) لِحَدِيثِ أُمِّ وَرَقَةَ {قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي أَحْفَظُ الْقُرْآنَ، وَإِنَّ أَهْلَ بَيْتِي لَا يَحْفَظُونَهُ، فَقَالَ: قَدِّمِي الرِّجَالَ أَمَامَك وَقُومِي وَصَلِّي مِنْ وَرَائِهِمْ}. فَحُمِلَ هَذَا عَلَى النَّفْلِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ (وَيَقِفَانِ) أَيْ: الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى (خَلْفَهُمْ) أَيْ: خَلْفَ الرِّجَالِ الْأُمِّيِّينَ حَالَ الصَّلَاةِ لِلْخَبَرِ. (وَلَا) تَصِحُّ إمَامَةُ (مُمَيِّزٍ لِبَالِغٍ فِي الْفَرْضِ) لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ حَتَّى تَجِبَ عَلَيْهِ الْحُدُودُ وَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ " لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ حَتَّى يَحْتَلِمَ " رَوَاهُمَا الْأَثْرَمُ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ غَيْرِهِمَا مِنْ الصَّحَابَةِ مَا يُخَالِفُهُ وَلِأَنَّ الْإِمَامَةَ حَالُ كَمَالٍ وَالصَّبِيُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا. وَالْإِمَامُ ضَامِنٌ وَالصَّبِيُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الضَّمَانِ (وَتَصِحُّ) إمَامَةُ صَبِيٍّ لِبَالِغٍ (فِي نَفْلٍ) كَتَرَاوِيحَ وَوِتْرٍ وَصَلَاةِ كُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ، لِأَنَّهُ مُتَنَفِّلٌ يَؤُمُّ مُتَنَفِّلًا. (وَ) تَصِحُّ إمَامَةُ صَبِيٍّ (فِي فَرْضِ) وَقْتٍ كَظُهْرٍ وَعَصْرٍ (بِمِثْلِهِ) أَيْ: الصَّبِيِّ، لِأَنَّهَا نَفْلٌ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا. (وَلَا) تَصِحُّ (إمَامَةُ مُحْدِثٍ) حَدَثًا أَكْبَرَ، أَوْ أَصْغَرَ يَعْلَمُ ذَلِكَ (وَلَا) إمَامَةُ (نَجِسٍ) أَيْ: بِبَدَنِهِ، أَوْ ثَوْبِهِ، أَوْ بُقْعَةِ نَجَاسَةٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهَا (بِعِلْمِ ذَلِكَ) أَيْ: حَدَثِهِ، أَوْ نَجَسِهِ لِأَنَّهُ أَخَلَّ بِشَرْطِ الصَّلَاةِ مَعَ الْقُدْرَةِ، أَشْبَهَ الْمُتَلَاعِبَ (وَإِنْ جَهِلَ) إمَامٌ حَدَثَهُ، أَوْ نَجَسَهُ (مَعَ) جَهْلِ (مَأْمُومٍ) بِذَلِكَ (حَتَّى انْقَضَتْ) الصَّلَاةُ (صَحَّتْ) الصَّلَاةُ (لِمَأْمُومٍ وَحْدَهُ) أَيْ: دُونَ إمَامِهِ. لِحَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ {إذَا صَلَّى الْجُنُبُ بِالْقَوْمِ أَعَادَ صَلَاتَهُ وَتَمَّتْ لِلْقَوْمِ صَلَاتُهُمْ} رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَرَّانِيِّ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ " أَنَّهُ صَلَّى بِالنَّاسِ الصُّبْحَ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْجُرْنِ فَأَهْرَاقَ الْمَاءَ فَوَجَدَ فِي ثَوْبِهِ احْتِلَامًا فَأَعَادَ الصَّلَاةَ وَلَمْ يُعِدْ النَّاسُ " وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عُثْمَانَ وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْ عَلِيٍّ أَيْضًا مَعْنَاهُ، وَلِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى، وَلَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَتِهِ فَكَانَ عُذْرًا فِي الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّهُ إنْ عَلِمَ الْإِمَامُ، أَوْ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، أَوْ فِيهَا أَعَادَ الْكُلُّ وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ نَسِيَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ (إلَّا إنْ كَانُوا بِجُمُعَةٍ)، أَوْ عِيدٍ (وَهُمْ بِإِمَامٍ) مُحْدِثٍ، أَوْ نَجِسٍ أَرْبَعُونَ فَيُعِيدُ الْكُلُّ. (أَوْ) كَانُوا (بِمَأْمُومٍ كَذَلِكَ) أَيْ: مُحْدِثٍ، أَوْ نَجِسٍ (أَرْبَعُونَ فَيُعِيدُ الْكُلُّ) أَيْ: الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُونَ لِأَنَّ الْمُحْدِثَ، أَوْ النَّجِسَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ فَيَنْقُصُ الْعَدَدُ الْمُعْتَبَرُ لِلْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ. (وَلَا) تَصِحُّ إمَامَةُ (أُمِّيٍّ) نِسْبَةً إلَى الْأُمِّ، كَأَنَّهُ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي وَلَدَتْهُ أُمُّهُ عَلَيْهَا وَقِيلَ: إلَى أُمَّةِ الْعَرَبِ. وَأَصْلُهُ لُغَةً: مَنْ لَا يَكْتُبُ (وَهُوَ) عُرْفًا (مَنْ لَا يُحْسِنُ) أَنْ يَحْفَظَ (الْفَاتِحَةَ، أَوْ يُدْغِمُ فِيهَا مَا) أَيْ: حَرْفًا (لَا يُدْغَمُ) كَإِدْغَامِ هَاءِ لِلَّهِ فِي رَاءِ رَبِّ، وَهُوَ الْأَرَتُّ. (أَوْ يُبَدِّلُ) مِنْهَا (حَرْفًا) لَا يُبَدَّلُ، وَهُوَ الْأَلْثَغُ لِحَدِيثِ {لِيَؤُمَّكُمْ أَقْرَؤُكُمْ} رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مَضَتْ السُّنَّةُ أَنْ لَا يَؤُمَّ النَّاسَ مَنْ لَيْسَ مَعَهُ مِنْ الْقُرْآنِ شَيْءٌ وَلِأَنَّهُ بِصَدَدِ تَحَمُّلِ الْقِرَاءَةِ عَنْ الْمَأْمُومِ (إلَّا ضَادَ الْمَغْضُوبِ، و) ضَادِ (الضَّالِّينَ بِظَاءٍ) فَلَا يَصِيرُ بِهِ أُمِّيًّا سَوَاءٌ عَلِمَ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا لَفْظًا وَمَعْنًى أَوْ لَا. (أَوْ يَلْحَنُ) عَطْفٌ عَلَى يُبَدِّلُ (فِيهَا) أَيْ: الْفَاتِحَةِ (لَحْنًا يُحِيلُ) أَيْ: يُغَيِّرُ (الْمَعْنَى، عَجْزًا عَنْ إصْلَاحِهِ) كَكَسْرِ كَافِ، أَوْ " إيَّاكَ " وَضَمِّ تَاءِ " أَنْعَمْتَ "، أَوْ كَسْرِهَا لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ فَرْضِ الْقِرَاءَةِ فَلَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ (إلَّا بِمِثْلِهِ) فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ عَاجِزٍ عَنْ نِصْفِ الْفَاتِحَةِ الْأَوَّلِ بِعَاجِزٍ عَنْ نِصْفِهَا الْأَخِيرِ وَلَا عَكْسُهُ فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهَا لَكِنْ أَحْسَنَ بِقَدْرِهَا مِنْ الْقُرْآنِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْتَمَّ بِمَنْ لَا يُحْسِنُ شَيْئًا مِنْهُ. وَلَا اقْتِدَاءُ قَادِرٍ عَلَى الْأَقْوَالِ الْوَاجِبَةِ بِعَاجِزٍ عَنْهَا (فَإِنْ تَعَمَّدَ) غَيْرُ الْأُمِّيِّ إدْغَامَ مَا لَا يُدْغَمُ، أَوْ إبْدَالَ مَا لَا يُبْدَلُ، أَوْ اللَّحْنَ الْمُحِيلَ لِلْمَعْنَى (أَوْ قَدَرَ) أُمِّيٌّ (عَلَى إصْلَاحِهِ) فَتَرَكَهُ (أَوْ زَادَ) مَنْ يُدْغِمُ، أَوْ يُبَدِّلُ، أَوْ يَلْحَنُ كَذَلِكَ (عَلَى فَرْضِ الْقِرَاءَةِ) أَيْ: الْفَاتِحَةِ، وَهُوَ (عَاجِزٌ عَنْ إصْلَاحِهِ عَمْدًا لَمْ تَصِحَّ) صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ قُرْآنًا، فَهُوَ كَسَائِرِ الْكَلَامِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَكْفُرُ إنْ اعْتَقَدَ إبَاحَتَهُ (وَإِنْ أَحَالَهُ) أَيْ: أَحَالَ اللَّحْنُ الْمَعْنَى (فِيمَا زَادَ) عَلَى فَرْضِ قِرَاءَةٍ (سَهْوًا، أَوْ جَهْلًا، أَوْ لِآفَةٍ صَحَّتْ) صَلَاتُهُ، جَعْلًا لَهُ كَالْمَعْدُومِ (وَمِنْ) اللَّحْنِ (الْمُحِيلِ) لِلْمَعْنَى (فَتْحُ هَمْزَةِ اهْدِنَا) لِأَنَّهُ مِنْ أَهْدَى الْهَدِيَّةَ، لَا طَلَبِ الْهِدَايَةِ. وَمَنْ اقْتَدَى بِمَنْ لَا يَعْرِفُ لَمْ يَجِبْ الْبَحْثُ عَنْ كَوْنِهِ قَارِئًا عَمَلًا بِالْغَالِبِ، فَإِنْ قَالَ بَعْدَ سَلَامِهِ: سَهَوْت عَنْ الْفَاتِحَةِ، لَزِمَهُ وَمَنْ مَعَهُ الْإِعَادَةُ، وَإِنْ لَمْ يَجْهَرْ فِي جَهْرِيَّةٍ، وَقَالَ: أَسْرَرْتُ نِسْيَانًا، أَوْ لِكَوْنِهِ جَائِزًا لَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ وَكَذَا إنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ، لَكِنْ تُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ احْتِيَاطًا. (وَكُرِهَ أَنْ يَؤُمَّ) رَجُلٌ امْرَأَةً (أَجْنَبِيَّةً) مِنْهُ (فَأَكْثَرَ) مِنْ امْرَأَةٍ (لَا رَجُلَ فِيهِنَّ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {نَهَى عَنْ خَلْوَةِ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ} وَلِمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَطَةِ الْوَسْوَاسِ، لَكِنْ إنْ كَانَ مَعَ خَلْوَةٍ حَرُمَ وَإِنْ أَمَّ مَحَارِمَهُ، أَوْ أَجْنَبِيَّاتٍ مَعَهُنَّ رَجُلٌ، أَوْ مَحْرَمَةٌ فَلَا كَرَاهَةَ لِأَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَشْهَدْنَ الصَّلَاةَ مَعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (أَوْ) أَنْ يَؤُمَّ (قَوْمًا أَكْثَرُهُمْ يَكْرَهُهُ بِحَقٍّ) أَيْ: لِخَلَلٍ فِي دِينِهِ وَفَضْلِهِ لِحَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا {ثَلَاثَةٌ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ آذَانَهُمْ: الْعَبْدُ الْآبِقُ حَتَّى يَرْجِعَ، وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ، وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ} رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، فَإِنْ كَرِهُوهُ بِغَيْرِ حَقٍّ لَمْ يُكْرَهْ أَنْ يَؤُمَّهُمْ. (وَلَا بَأْسَ بِإِمَامَةِ وَلَدِ زِنًا وَلَقِيطٍ وَمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ، وَخَصِيِّ، وَجُنْدِيٍّ وَأَعْرَابِيٍّ إذَا سَلِمَ دِينُهُمْ وَصَلُحُوا لَهَا) أَيْ: الْإِمَامَةِ لِعُمُومِ حَدِيثِ {يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى} وَقَالَتْ عَائِشَةُ فِي وَلَدِ الزِّنَا: " لَيْسَ عَلَيْهِ مِنْ وِزْرِ أَبَوَيْهِ شَيْءٌ قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ حُرٌّ مَرْضِيٌّ فِي دِينِهِ فَصَلُحَ لَهَا كَغَيْرِهِ. (وَلَا) بَأْسَ (أَنْ يَأْتَمَّ مُتَوَضِّئٌ بِمُتَيَمِّمٍ) لِأَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ وَالْمُتَوَضِّئُ، أَوْلَى. (وَيَصِحُّ ائْتِمَامُ مُؤَدِّي صَلَاةٍ) مِنْ الْخَمْسِ (بِقَاضِيهَا و) يَصِحُّ (عَكْسُهُ) وَهُوَ ائْتِمَامُ قَاضِي صَلَاةٍ بِمُؤَدِّيهَا، كَظُهْرٍ أَدَاءً خَلْفَ ظُهْرٍ قَضَاءً وَعَكْسِهِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَاحِدَةٌ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْوَقْتُ. (وَ) يَصِحُّ ائْتِمَامُ (قَاضِيهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ (مَنْ يُؤَمُّ بِقَاضِيهَا مِنْ) يَوْمٍ (آخَرَ) كَظُهْرِ يَوْمِ خَمِيسٍ خَلْفَ مَنْ يَقْضِي ظُهْرَ يَوْمِ أَرْبِعَاءٍ وَنَحْوَهُ، لِمَا تَقَدَّمَ. وَ (لَا) يَصِحُّ ائْتِمَامُ مُصَلِّي ظُهْرٍ مَثَلًا (بِمُصَلٍّ غَيْرَهَا) كَعَصْرٍ لِاخْتِلَافِ الصَّلَاتَيْنِ. (وَلَا) يَصِحُّ ائْتِمَامُ (مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ) حَدِيثٌ {لِقَوْلِهِ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَكَوْنِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ غَيْرَ صَلَاةِ الْإِمَامِ اخْتِلَافٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ لَا تَتَأَدَّى بِنِيَّةِ صَلَاةِ الْإِمَامِ لَكِنْ تَصِحُّ الْعِيدُ خَلْفَ مَنْ يَقُولُ: إنَّهَا سُنَّةٌ وَإِنْ اعْتَقَدَ الْمَأْمُومُ أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ، لِعَدَمِ الِاخْتِلَافِ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ (إلَّا إذَا صَلَّى) إمَامٌ (بِهِمْ فِي خَوْفٍ صَلَاتَيْنِ) وَهُوَ الْوَجْهُ الرَّابِعُ فَيَصِحُّ. (وَيَصِحُّ عَكْسُهَا) أَيْ: ائْتِمَامُ مُتَنَفِّلٍ بِمُفْتَرِضٍ لِأَنَّ فِي نِيَّةِ الْإِمَامِ مَا فِي نِيَّةِ الْمَأْمُومِ وَهُوَ نِيَّةُ التَّقَرُّبِ، وَزِيَادَةٌ وَهِيَ نِيَّةُ الْوُجُوبِ فَلَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ وَيَدُلُّ لِصِحَّتِهَا أَيْضًا حَدِيثُ {أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّي مَعَهُ}.
(السُّنَّةُ وُقُوفُ إمَامِ جَمَاعَةٍ) اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (مُتَقَدِّمًا) عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {كَانَ إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ تَقَدَّمَ وَقَامَ أَصْحَابُهُ خَلْفَهُ} وَلِمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد {أَنَّ جَابِرًا وَجَبَّارًا وَقَفَ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ بِأَيْدِيهِمَا حَتَّى أَقَامَهُمَا خَلْفَهُ}". وَالسُّنَّةُ أَيْضًا: تَوَسُّطُهُ الصَّفَّ وَقُرْبُهُ مِنْهُ (إلَّا) إمَامَ (الْعُرَاةِ فَ) يَقِفُ (وَسَطًا) بَيْنَهُمْ (وُجُوبًا) إلَّا أَنْ يَكُونُوا عُمْيَانًا، أَوْ فِي ظُلْمَةٍ وَتَقَدَّمَ. (وَ) إلَّا (امْرَأَةً أَمَّتْ نِسَاءً، فَ) تَقِفُ (وَسَطًا) بَيْنَهُنَّ (نَدْبًا) رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَرَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَلِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا. (وَإِنْ تَقَدَّمَهُ) أَيْ: الْإِمَامَ (مَأْمُومٌ، وَلَوْ بِإِحْرَامٍ) بِالصَّلَاةِ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى حَتَّى وَقَفَ مَوْقِفَهُ (لَمْ تَصِحَّ) الصَّلَاةُ (لَهُ) أَيْ: الْمَأْمُومِ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ فِي اقْتِدَائِهِ بِهِ إلَى الِالْتِفَاتِ فِي صَلَاتِهِ، فَيَسْتَدْبِرُ الْقِبْلَةَ عَمْدًا وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى مُخَالَفَتِهِ لَهُ فِي أَفْعَالِهِ وَكِلَاهُمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَعُلِمَ مِنْهُ: صِحَّةُ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَإِنْ جَاءَ غَيْرُهُ فَوَقَفَ فِي مَوْقِفِهِ صَحَّتْ جَمَاعَةً، وَكَذَا إنْ تَقَدَّمَ بَعْدَ إحْرَامِهِ مَعَ إمَامِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَيُتِمُّهَا الْإِمَامُ مُنْفَرِدًا. (غَيْرُ قَارِئَةٍ أَمَّتْ رِجَالًا) أُمِّيِّينَ فِي تَرَاوِيحَ (أَوْ) أَمَّتْ (خَنَاثَى أُمِّيِّينَ فِي تَرَاوِيحَ) فَتَقِفُ خَلْفَهُمْ، لِحَدِيثِ أُمِّ وَرَقَةَ وَتَقَدَّمَ. (وَفِيمَا إذَا تَقَابَلَا) أَيْ: الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ دَاخِلَ الْكَعْبَةِ، (أَوْ تَدَابَرَا دَاخِلَ الْكَعْبَةِ) فَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ تَقَدُّمُهُ عَلَيْهِ و(لَا) تَصِحُّ صَلَاةُ مَأْمُومٍ (إنْ جَعَلَ ظَهْرَهُ إلَى وَجْهِ إمَامِهِ) دَاخِلَ الْكَعْبَةِ كَخَارِجِهَا، لِتَحَقُّقِ التَّقَدُّمِ (وَفِيمَا إذَا اسْتَدَارَ الصَّفُّ حَوْلَهَا) أَيْ: الْكَعْبَةِ (وَالْإِمَامُ عَنْهَا) أَيْ: الْكَعْبَةِ (أَبْعَدُ مِمَّنْ) أَيْ: الْمَأْمُومِ الَّذِي (هُوَ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ) بِأَنْ كَانُوا فِي الْجِهَةِ الَّتِي عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ شِمَالِهِ، أَوْ مُقَابِلَتِهِ، وَأَمَّا الَّذِينَ فِي جِهَتِهِ الَّتِي يُصَلِّي إلَيْهَا، فَمَتَى تَقَدَّمُوا عَلَيْهِ لَمْ تَصِحَّ لَهُمْ، لِتَحَقُّقِ التَّقَدُّمِ. (وَ) إلَّا (فِي شِدَّةِ خَوْفٍ) فَلَا يَضُرُّ تَقَدُّمُ الْمَأْمُومِ لِلْعُذْرِ، وَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ (إنْ أَمْكَنَتْ مُتَابَعَةُ) مَأْمُومٍ لِإِمَامِهِ فَإِنْ لَمْ تُمْكِنْ مُتَابَعَتُهُ، لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ (وَالِاعْتِبَارُ) فِي التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ حَالَ قِيَامٍ (بِمُؤَخَّرِ قَدَمٍ) وَهُوَ الْعَقِبُ وَلَا يَضُرُّ تَقَدُّمُ أَصَابِعِ الْمَأْمُومِ لِطُولِ قَدَمِهِ وَلَا تَقَدُّمُ رَأْسِهِ فِي السُّجُودِ لِطُولِهِ، فَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَالِاعْتِبَارُ بِالْأَلْيَةِ، لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْقُعُودِ، حَتَّى لَوْ مَدَّ رِجْلَيْهِ وَقَدَّمَهُمَا عَلَى إمَامِهِ، لَمْ يَضُرَّ، كَمَا لَوْ قَدَّمَ الْقَائِمُ رِجْلَهُ مَرْفُوعَةً عَنْ الْأَرْضِ، لِعَدَمِ اعْتِمَادِهِ عَلَيْهَا. (وَإِنْ وَقَفَ جَمَاعَةٌ عَنْ يَمِينِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ (أَوْ) وَقَفُوا (بِجَانِبِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ (صَحَّ) اقْتِدَاؤُهُمْ بِهِ لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ {صَلَّى بَيْنَ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ، وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ} رَوَاهُ أَحْمَدُ: لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا يَصِحُّ رَفْعُهُ. وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَجَابَ ابْنُ سِيرِينَ: بِأَنَّ الْمَسْجِدَ كَانَ ضَيِّقًا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ (وَيَقِفُ) مَأْمُومٌ (وَاحِدٌ، رَجُلٌ، أَوْ خُنْثَى عَنْ يَمِينِهِ) " أَيْ: الْإِمَامِ لِإِدَارَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَجَابِرًا إلَى يَمِينِهِ، لَمَّا وَقَفَا عَنْ يَسَارِهِ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَيُنْدَبُ تَخَلُّفُهُ قَلِيلًا، خَوْفًا مِنْ التَّقَدُّمِ، وَمُرَاعَاةً لِلْمَرْتَبَةِ فَإِنْ بَانَ عَدَمُ صِحَّةِ مُصَافَّتِهِ لَهُ، لَمْ تَصِحَّ. (وَلَا يَصِحُّ) أَنْ يَقِفَ الْوَاحِدُ (خَلْفَهُ) لِأَنَّهُ يَكُونُ فَذًّا (وَلَا) يَصِحُّ أَنْ يَقِفَ مَأْمُومٌ فَأَكْثَرُ (مَعَ خُلُوِّ يَمِينِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ (عَنْ يَسَارِهِ) إنْ صَلَّى رَكْعَةً فَأَكْثَرَ، لِأَنَّهُ خَالَفَ مَوْقِفَهُ لِإِدَارَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَجَابِرًا لَمَّا وَقَفَا عَنْ يَسَارِهِ. (وَإِنْ وَقَفَ) أَحَدٌ (يَسَارَهُ) أَيْ: الْإِمَامِ (أَحْرَمَ) بِالصَّلَاةِ، (أَوْ أَدَارَهُ) الْإِمَامُ (مِنْ وَرَائِهِ) يَمِينَهُ، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ (فَإِنْ جَاءَ آخَرُ فَوَقَفَا) أَيْ: الْجَائِيُّ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ (خَلْفَهُ) أَصَابَا السُّنَّةَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقِفَا خَلْفَهُ (أَدَارَهُمَا) الْإِمَامُ (خَلْفَهُ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ. قَالَ {قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، فَجِئْت فَقُمْت عَنْ يَسَارِهِ فَأَخَذَ بِيَدِي، فَأَدَارَنِي فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ جَاءَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ، فَقَامَ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ بِأَيْدِينَا جَمِيعًا فَدَفَعَنَا حَتَّى أَقَامَنَا خَلْفَهُ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد (فَإِنْ شَقَّ) عَلَيْهِ، أَوْ عَلَيْهِمَا الْإِدَارَةُ (تَقَدَّمَ) الْإِمَامُ (عَنْهُمَا) لِيَصِيرَا خَلْفَهُ وَيُصِيبُوا السُّنَّةَ. (وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ أَحَدِ اثْنَيْنِ صَفًّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا (تَقَدَّمَ الْآخَرُ) الَّذِي لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ (إلَى يَمِينِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ (أَوْ) إلَى (صَفٍّ) حَذَرًا مِنْ أَنْ يَكُونَ فَذًّا، إنْ أَمْكَنَهُ (أَوْ جَاءَ) مَأْمُومٌ (آخَرُ) فَوَقَفَ يُصَلِّي مَعَهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُمَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّقَدُّمُ، وَلَمْ يَأْتِ مَنْ يَقِفُ مَعَهُ (نَوَى الْمُفَارَقَةَ) لِلْعُذْرِ وَأَتَمَّهَا مُنْفَرِدًا، وَإِلَّا بَطَلَتْ. (وَإِنْ وَقَفَ الْخَنَاثَى صَفًّا. لَمْ تَصِحَّ) صَلَاتُهُمْ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رَجُلًا، وَالْبَاقِي نِسَاءً. وَلَا تَصِحُّ صَلَاةُ رَجُلٍ لَيْسَ مَعَهُ إلَّا امْرَأَةٌ كَمَا يَأْتِي (وَإِنْ أَمَّ رَجُلٌ) امْرَأَةً وَقَفَتْ خَلْفَهُ لِحَدِيثِ أَنَسٍ {أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ. دَعَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ فَأَكَلَ، ثُمَّ قَالَ: قُومُوا لِأُصَلِّيَ لَكُمْ، فَقُمْتُ إلَى حَصِيرٍ قَدْ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لَبِثَ، فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ فَقَامَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُمْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ وَقَامَتْ الْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا فَصَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفَ} رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ. (أَوْ) أَمَّ (خُنْثَى امْرَأَةً فَخَلْفَهُ) تَقِفُ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ رَجُلًا. فَإِنْ أَمَّتْ امْرَأَةٌ امْرَأَةً فَعَنْ يَمِينِهَا. (وَإِنْ وَقَفَتْ) مَأْمُومَةٌ (بِجَانِبِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ، رَجُلًا كَانَ أَوْ خُنْثَى (فَكَرَجُلٍ) فَإِنْ وَقَفَتْ عَنْ يَمِينِهِ صَحَّ، لَا عَنْ يَسَارِهِ مَعَ خُلُوِّ يَمِينِهِ. (وَ) إنْ وَقَفَتْ امْرَأَةٌ (بِصَفِّ رِجَالٍ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاةُ مَنْ يَلِيهَا) مِنْ الرِّجَالِ. (وَ) لَا صَلَاةُ مَنْ (خَلْفَهَا) مِنْهُمْ كَوُقُوفِهَا فِي غَيْرِ صَلَاةٍ وَلَا تَبْطُلُ أَيْضًا صَلَاتُهَا (وَصَفٌّ تَامٌّ مِنْ نِسَاءٍ لَا يَمْنَعُ اقْتِدَاءَ مَنْ خَلْفَهُنَّ مِنْ الرِّجَالِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَسُنَّ أَنْ يُقَدَّمَ) لِيَلِيَ الْإِمَامَ (مِنْ أَنْوَاعِ) مَأْمُومِينَ رِجَالٌ (أَحْرَارٌ بَالِغُونَ) الْأَفْضَلَ فَالْأَفْضَلَ (فَعَبِيدٌ) بَالِغُونَ (الْأَفْضَلَ فَالْأَفْضَلَ) لِحَدِيثِ {لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى} رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقُدِّمَ الْأَحْرَارُ لِفَضْلِ الْحُرِّيَّةِ (فَصِبْيَانٌ) أَحْرَارٌ، ثُمَّ أَرِقَّاءُ الْأَفْضَلَ فَالْأَفْضَلَ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {صَلَّى فَصَفَّ الرِّجَالَ، ثُمَّ صَفَّ خَلْفَهُمْ الْغِلْمَانَ} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (فَنِسَاءٌ كَذَلِكَ) أَيْ: الْبَالِغَاتُ الْأَحْرَارُ، ثُمَّ الْأَرِقَّاءُ، ثُمَّ غَيْرُ الْبَالِغَاتِ الْأَحْرَارِ، ثُمَّ الْأَرِقَّاءُ الْفُضْلَى فَالْفُضْلَى. وَقَدَّمَ الصِّبْيَانَ عَنْ النِّسَاءِ لِفَضْلِهِمْ عَلَيْهِنَّ بِالذُّكُورِيَّةِ وَلِحَدِيثِ أَنَسٍ السَّابِقِ. (وَ) يُقَدَّمُ مِنْ (جَنَائِزَ إلَيْهِ) أَيْ: الْإِمَامِ (وَإِلَى قِبْلَةٍ فِي قَبْرٍ، حَيْثُ جَازَ) دَفْنُ أَكْثَرَ مِنْ مَيِّتٍ فِيهِ (حُرٌّ بَالِغٌ، فَعَبْدٌ) بَالِغٌ (فَصَبِيٌّ) حُرٌّ، ثُمَّ عَبْدٌ (فَخُنْثَى) حُرٌّ بَالِغٌ، ثُمَّ عَبْدٌ، ثُمَّ حُرٌّ لَمْ يَبْلُغْ، ثُمَّ عَبْدٌ كَذَلِكَ (فَامْرَأَةٌ كَذَلِكَ) لِمَا تَقَدَّمَ. (وَمَنْ لَمْ يَقِفْ مَعَهُ) فِي صَفَّهُ (إلَّا كَافِرٌ) فَفَذَّ لِأَنَّ صَلَاةَ الْكَافِرِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ. (وَ) لَمْ يَقِفْ مَعَهُ إلَّا (امْرَأَةٌ، أَوْ خُنْثَى) وَهُوَ ذَكَرٌ فَفَذَّ لِأَنَّهَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْوُقُوفِ مَعَهُ. (أَوْ) لَمْ يَقِفْ مَعَهُ إلَّا (مَنْ يَعْلَمُ حَدَثَهُ، أَوْ نَجَاسَتَهُ، أَوْ مَجْنُونٌ) فَفَذَّ مُطْلَقًا، لِأَنَّ وُجُودَهُمْ كَعَدَمِهِمْ وَكَذَا سَائِرُ مَنْ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ. (أَوْ) لَمْ يَقِفْ مَعَ رَجُلٍ فِي فَرْضٍ إلَّا (صَبِيٌّ) فَفَذَّ أَيْ: فَرْدٌ، لِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ بِالرَّجُلِ فِي الْفَرْضِ، فَلَا تَصِحُّ مُصَافَّتُهُ لَهُ. وَتَصِحُّ مُصَافَّةُ مُفْتَرِضٍ لِمُتَنَفِّلٍ بَالِغٍ، كَأُمِّيٍّ وَأَخْرَسَ وَعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ، أَوْ شَرْطٍ وَنَاقِصِ طَهَارَةٍ وَنَحْوِهِ، وَفَاسِقٍ، وَمَجْهُولٍ حَدَثُهُ، أَوْ نَجَاسَتُهُ. (وَمَنْ) أَرَادَ الصَّلَاةَ وَقَدْ أُقِيمَتْ الصُّفُوفُ فَإِنْ (وَجَدَ فُرْجَةً) بِضَمِّ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا، أَيْ: خَلَلًا فِي صَفٍّ، وَلَوْ بَعِيدَةً وَقَفَ فِيهَا وَيُكْرَهُ مَشْيُهُ إلَيْهَا عَرْضًا (أَوْ) وَجَدَ (الصَّفَّ غَيْرَ مَرْصُوصٍ وَقَفَ فِيهِ) نَصًّا لِحَدِيثِ {إنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الَّذِينَ يَصِلُونَ الصُّفُوفَ}". (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فُرْجَةً وَوَجَدَ الصَّفَّ مَرْصُوصًا (فَعَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ) يَقِفُ إنْ أَمْكَنَهُ لِأَنَّهُ مَوْقِفُ الْوَاحِدِ (فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ) الْوُقُوفُ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ (فَلَهُ أَنْ يُنَبِّهَ بِنَحْنَحَةٍ، أَوْ كَلَامٍ) كَقَوْلِهِ: لِيَتَأَخَّرْ أَحَدُكُمْ أُكَوِّنْ مَعَهُ صَفًّا وَنَحْوَهُ (أَوْ) يُنَبِّهَ ب (إشَارَةِ مَنْ يَقُومُ مَعَهُ) صَفًّا لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الِاقْتِدَاءِ (وَيَتْبَعُهُ) أَيْ: يَلْزَمُ الْمُنَبِّهَ أَنْ يَتَأَخَّرَ لِيَقِفَ مَعَهُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِهِ (وَكُرِهَ) تَنْبِيهُهُ ب (جَذْبِهِ) نَصًّا، لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَعَبْدُهُ وَابْنُهُ كَأَجْنَبِيٍّ وَلَمْ يَحْرُمْ، بَلْ صَحَّحَ فِي الْمُغْنِي جَوَازَهُ لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، كَسُجُودٍ عَلَى ظَهْرِ إنْسَان، أَوْ قَدَمِهِ لِزِحَامٍ. (وَمَنْ صَلَّى يَسَارَ إمَامٍ مَعَ خُلُوِّ يَمِينِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ، رَكْعَةً: لَمْ تَصِحَّ. (أَوْ) صَلَّى (فَذًّا وَلَوْ امْرَأَةً خَلْفَ امْرَأَةٍ رَكْعَةً لَمْ تَصِحَّ) صَلَاتُهُ، عَالِمًا كَانَ أَوْ جَاهِلًا، أَوْ نَاسِيًا، أَوْ عَامِدًا لِحَدِيثِ {وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ} رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَثْبَتَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ هَذَا الْحَدِيثَ. وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانُ مَرْفُوعًا {لَا صَلَاةَ لِمُنْفَرِدٍ خَلْفَ الصَّفِّ} رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَلِأَنَّهُ خَالَفَ مَوْقِفَهُ، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ زُحِمَ فِي ثَانِيَةِ الْجُمُعَةِ، فَخَرَجَ مِنْ الصَّفِّ، وَبَقِيَ مُنْفَرِدًا، فَيَنْوِي الْمُفَارَقَةَ وَيُتِمُّ لِنَفْسِهِ، وَإِلَّا بَطَلَتْ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ. (وَإِنْ رَكَعَ فَذًّا لِعُذْرٍ) كَخَوْفِ فَوْتِ الرَّكْعَةِ (ثُمَّ دَخَلَ الصَّفَّ) قَبْلَ سُجُودِ الْإِمَامِ صَحَّتْ (أَوْ) رَكَعَ فَذًّا لِعُذْرٍ ثُمَّ (وَقَفَ مَعَهُ آخَرُ قَبْلَ سُجُودِ الْإِمَامِ صَحَّتْ) صَلَاتُهُ، {لِأَنَّ أَبَا بَكْرَةَ وَاسْمُهُ نُفَيْعٌ رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ، ثُمَّ مَشَى حَتَّى دَخَلَ الصَّفَّ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: زَادَك اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ} رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَفَعَلَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَكَمَا لَوْ أَدْرَكَ مَعَهُ الرُّكُوعَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ، لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ وَرَدَتْ فِي الْمَعْذُورِ فَلَا يُلْحَقُ بِهِ غَيْرُهُ، وَقَدَّمَ فِي الْكَافِي ": تَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمَوْقِفَ لَا يَخْتَلِفُ بِخِيفَةِ الْفَوَاتِ وَعَدَمِهِ.
(يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مَنْ يُمْكِنُهُ) الِاقْتِدَاءُ بِإِمَامِهِ، أَيْ: مُتَابَعَتُهُ، وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ) مُقْتَدٍ (بِالْمَسْجِدِ) بِأَنْ كَانَ خَارِجَهُ وَالْإِمَامُ بِالْمَسْجِدِ، أَوْ خَارِجَهُ أَيْضًا (إذَا رَأَى) الْمُقْتَدِي (الْإِمَامَ، أَوْ رَأَى مَنْ وَرَاءَهُ) أَيْ: الْإِمَامِ (وَلَوْ) كَانَتْ رُؤْيَتُهُ (فِي بَعْضِهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ، (أَوْ) كَانَتْ (مَنْ شُبَّاكٍ) لِتَمَكُّنِهِ إذَنْ مِنْ مُتَابَعَتِهِ، وَلَا يَكْتَفِي إذَنْ بِسَمَاعِ التَّكْبِيرِ، (أَوْ كَانَا) أَيْ: الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ (بِهِ) أَيْ: الْمَسْجِدِ (وَلَوْ لَمْ يَرَهُ) أَيْ: الْمَأْمُومُ (وَلَا) رَأَى (مَنْ وَرَاءَهُ)، أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ (إذَا سَمِعَ) مَأْمُومٌ (التَّكْبِيرَ) لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ مُتَابَعَتِهِ، وَالْمَسْجِدُ مَعَهُ لِلِاجْتِمَاعِ. (لَا) يَكْفِي سَمَاعُ التَّكْبِيرِ بِلَا رُؤْيَةٍ لَهُ، أَوْ لِمَنْ وَرَاءَهُ (إنْ كَانَ الْمَأْمُومُ وَحْدَهُ خَارِجَهُ) أَيْ: الْمَسْجِدِ الَّذِي بِهِ إمَامُهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مُعَدًّا لِلِاقْتِدَاءِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ: مَا إذَا كَانَ الْمَأْمُومُ بِمَسْجِدٍ آخَرَ غَيْرِ الَّذِي بِهِ الْإِمَامُ، فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ الْإِمَامَ، أَوْ مَنْ وَرَاءَهُ. وَلَا يَكْفِي سَمَاعُ التَّكْبِيرِ (وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا) أَيْ: الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ (نَهْرٌ تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ) لَمْ تَصِحَّ، فَإِنْ لَمْ تَجْرِ فِيهِ صَحَّتْ (أَوْ) كَانَ بَيْنَهُمَا (طَرِيقٌ وَلَمْ تَتَّصِلْ الصُّفُوفُ، حَيْثُ صَحَّتْ) تِلْكَ الصَّلَاةُ (فِيهِ) أَيْ: الطَّرِيقِ، كَجُمُعَةٍ وَعِيدٍ وَجِنَازَةٍ وَنَحْوِهَا لِضَرُورَةٍ لَمْ تَصِحَّ لِلْآثَارِ، فَإِنْ اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ حَيْثُ صَحَّتْ فِيهِ صَحَّتْ (أَوْ كَانَ) الْمَأْمُومُ (فِي غَيْرِ شِدَّةِ خَوْفٍ بِسَفِينَةٍ وَإِمَامُهُ فِي أُخْرَى) غَيْرِ مَقْرُونَةٍ بِهَا (لَمْ يَصِحَّ) الِاقْتِدَاءُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ طَرِيقٌ وَلَيْسَتْ الصُّفُوفُ مُتَّصِلَةً فَإِنْ كَانَ فِي شِدَّة خَوْفٍ وَأَمْكَنَ الِاقْتِدَاءُ، صَحَّ لِلْعُذْرِ. (وَكُرِهَ عُلُوُّ إمَامٍ عَنْ مَأْمُومٍ) لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد عَنْ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا {إذَا أَمَّ الرَّجُلُ الْقَوْمَ فَلَا يَقُومَنَّ فِي مَكَان أَرْفَعَ مِنْ مَكَانِهِمْ} وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مَعْنَاهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ (مَا لَمْ يَكُنْ) الْعُلُوُّ يَسِيرًا (كَدَرَجَةِ مِنْبَرٍ) فَلَا يُكْرَهُ، لِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ وُضِعَ، فَكَبَّرَ وَهُوَ عَلَيْهِ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ نَزَلَ الْقَهْقَرَى فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ ثُمَّ عَادَ حَتَّى فَرَغَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّمَا فَعَلْت ذَلِكَ لِتَأْتَمُّوا بِي، وَلِتَتَعَلَّمُوا صَلَاتِي}. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (وَتَصِحُّ) الصَّلَاةُ (وَلَوْ كَانَ) الْعُلُوُّ (كَثِيرًا وَهُوَ) أَيْ: الْكَثِيرُ (ذِرَاعٌ فَأَكْثَرُ) مِنْ ذِرَاعٍ، لِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَعُودُ إلَى دَاخِلٍ فِي الصَّلَاةِ (وَلَا بَأْسَ بِهِ) أَيْ: الْعُلُوِّ، وَلَوْ كَثِيرًا (لِمَأْمُومٍ) كَمَا لَوْ صَلَّى خَلْفَ الْإِمَامِ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ {أَنَّهُ صَلَّى عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ} وَرَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ أَنَسٍ. (وَلَا) بَأْسَ (بِقَطْعِ الصَّفِّ) خَلْفَ الْإِمَامِ وَعَنْ يَمِينِهِ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ قَطْعُهُ (عَنْ يَسَارِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ (إذَا بَعُدَ) الْمُنْقَطِعُ (بِقَدْرِ مَقَامِ ثَلَاثَةِ) رِجَالٍ، فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ. قَالَ ابْنُ حَامِدٍ: وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى (وَتُكْرَهُ صَلَاتُهُ) أَيْ: الْإِمَامِ (فِي طَاقِ الْقِبْلَةِ) أَيْ: الْمِحْرَابِ (إنْ مَنَعَ ذَلِكَ مُشَاهَدَتَهُ) رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ مُسْتَتِرٌ عَنْ بَعْضِ الْمَأْمُومِينَ أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ حِجَابٌ فَيَقِفُ عَنْ يَمِينِ الْمِحْرَابِ نَصًّا، إنْ لَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ مُشَاهَدَتَهُ لَمْ يُكْرَهْ. (وَ) يُكْرَهُ (تَطَوُّعُهُ) أَيْ: الْإِمَامِ (بَعْدَ) صَلَاةٍ (مَكْتُوبَةٍ مَوْضِعُهَا) نَصًّا لِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ مَرْفُوعًا {لَا يُصَلِّيَنَّ الْإِمَامُ فِي مَقَامِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْمَكْتُوبَةَ، حَتَّى يَتَنَحَّى عَنْهُ} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلِأَنَّ فِي تَحَوُّلِهِ إعْلَامًا بِأَنَّهُ صَلَّى فَلَا يُنْتَظَرُ. (وَ) يُكْرَهُ (مُكْثُهُ) أَيْ: الْإِمَامِ (كَثِيرًا) بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ (مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَلَيْسَ ثَمَّ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ، أَيْ: هُنَاكَ (نِسَاءٌ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ {كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا سَلَّمَ لَمْ يَقْعُدْ إلَّا مِقْدَارَ مَا يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْك السَّلَامُ تَبَارَكَتْ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ قَبْلَهُ لِلْخَبَرِ، إنَّ لَمْ يَطُلْ لُبْثُهُ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ نِسَاءٌ مَكَثَ هُوَ وَالرِّجَالُ حَتَّى يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ لِلْخَبَرِ وَلِئَلَّا يَخْتَلِطَ النِّسَاءُ بِالرِّجَالِ. (وَ) يُكْرَهُ (وُقُوفُ مَأْمُومِينَ بَيْنَ سَوَارٍ تَقْطَعُ الصُّفُوفَ عُرْفًا) لِقَوْلِ {أَنَسٍ كُنَّا نَتَّقِي هَذَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ} رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ، قَالَ أَحْمَدُ: لِأَنَّهُ يَقْطَعُ، فَإِنْ كَانَ الصَّفُّ صَغِيرًا قَدْرَ مَا بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ لَمْ يُكْرَهْ (بِلَا حَاجَةٍ فِي الْكُلِّ) أَيْ: كُلِّ مَا تَقَدَّمَ، كَضِيقِ مَسْجِدٍ، أَوْ مَطَرٍ. (وَيَنْحَرِفُ إمَامٌ) اسْتِحْبَابًا بَعْدَ صَلَاتِهِ (إلَى مَأْمُومٍ) لِحَدِيثِ سَمُرَةَ {كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا صَلَّى صَلَاةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ} رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (جِهَةَ قَصْدِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ لِأَنَّهُ الْأَسْهَلُ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ جِهَةً (فَ) يَنْحَرِفُ (عَنْ يَمِينِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ، فَتَلِي يَسَارَهُ الْقِبْلَةُ، تَمْيِيزًا لِجَانِبِ الْيُمْنَى (وَاِتِّخَاذُ الْمِحْرَابِ مُبَاحٌ) وَإِنْ أَحْدَثَهُ النَّاسُ لِيَسْتَدِلَّ بِهِ الْجَاهِلُ عَلَى الْقِبْلَةِ وَلِهَذَا اسْتَحَبَّهُ بَعْضُهُمْ. (وَحَرُمَ بِنَاءُ مَسْجِدٍ، يُرَادُ بِهِ الضَّرَرُ لِمَسْجِدٍ بِقُرْبِهِ، فَيُهْدَمُ) مَا بُنِيَ ضِرَارًا وُجُوبًا لِحَدِيثِ {لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ} فَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الضَّرَرُ جَازَ وَإِنْ قَرُبَ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا وَيُهْدَمُ وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إذَا بَعُدَ يَجُوزُ، وَلَوْ قُصِدَ بِهِ الضَّرَرُ وَيُكْرَهُ اتِّخَاذُ غَيْرِ إمَامٍ مَكَانًا بِمَسْجِدٍ لَا يُصَلِّي فَرْضَهُ إلَّا فِيهِ، وَيُبَاحُ فِي النَّفْلِ. وَقَالَ الْمَرْوَزِيِّ: كَانَ أَحْمَدُ لَا يُوطِنُ الْأَمَاكِنَ وَيُكْرَهُ إيطَانُهَا قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَانَتْ فَاضِلَةً، ثُمَّ ذَكَرَ احْتِمَالًا، وَأَيَّدَهُ بِأَنَّ {سَلَمَةَ كَانَ يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَ الْأُسْطُوَانَةِ الَّتِي عِنْدَهَا الْمُصْحَفُ. وَقَالَ: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَهَا} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ قَالَ: وَظَاهِرُهُ أَيْضًا: وَلَوْ كَانَ لِحَاجَةٍ، كَإِسْمَاعِ حَدِيثٍ وَتَدْرِيسٍ وَإِفْتَاءٍ وَنَحْوِهِ وَيُتَوَجَّهُ: لَا وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ اتِّفَاقًا، لِأَنَّهُ يَقْصِدُ. (وَكُرِهَ حُضُورُ مَسْجِدٍ، وَ) حُضُورُ (جَمَاعَةٍ لِآكِلِ بَصَلٍ، أَوْ فُجْلٍ وَنَحْوِهِ) كَثُومٍ وَكُرَّاثٍ (حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهُ) لِلْخَبَرِ وَلِإِيذَائِهِ وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِالْمَسْجِدِ أَحَدٌ، لِتَأَذِّي الْمَلَائِكَةِ وَيُسْتَحَبُّ إخْرَاجُهُ، وَفِي مَعْنَاهُ: نَحْوُ مَنْ بِهِ صُنَانٌ، أَوْ جُذَامٌ وَمِنْ الْأَدَبِ: وَضْعُ إمَامٍ نَعْلَهُ عَنْ يَسَارِهِ، وَمَأْمُومٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، لِئَلَّا يُؤْذِيَ غَيْرَهُ. فَصْلٌ يُعْذَرُ بِتَرْكِ جُمُعَةٍ وَجَمَاعَةٍ مَرِيضٌ. لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَمَّا مَرِضَ تَخَلَّفَ عَنْ الْمَسْجِدِ. وَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (وَ) كَذَا (خَائِفٌ حُدُوثَ مَرَضٍ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَرِيضِ (لَيْسَا) أَيْ: الْمَرِيضُ وَالْخَائِفُ حُدُوثَ مَرَضٍ (بِالْمَسْجِدِ) فَإِنْ كَانَا بِهِ لَزِمَتْهُمَا الْجُمُعَةُ وَالْجَمَاعَةُ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ، وَكَذَا مَنْ مُنِعَهُمَا لِنَحْوِ حَبْسٍ (وَتَلْزَمُ الْجُمُعَةُ مَنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِإِتْيَانِهَا رَاكِبًا، أَوْ مَحْمُولًا وَتَبَرَّعَ) لَهُ (أَحَدٌ بِهِ) أَيْ: بِأَنْ يُرْكِبَهُ، أَوْ يَحْمِلَهُ (أَوْ) تَبَرَّعَ أَحَدٌ (بِقَوْدِ أَعْمَى) لِلْجُمُعَةِ. فَتَلْزَمُهُ، دُونَ الْجَمَاعَةِ، لِتَكَرُّرِهَا، فَتَعْظُمُ الْمِنَّةُ وَالْمَشَقَّةُ (وَ) يُعْذَرُ بِتَرْكِ جَمَاعَةٍ وَجُمُعَةٍ (مَنْ يُدَافِعُ أَحَدَ الْأَخْبَثَيْنِ) الْبَوْلَ وَالْغَائِطَ، لِأَنَّهُ يَمْنَعُهُ مِنْ إِكْمَال الصَّلَاةِ وَخُشُوعِهَا (أَوْ) مَنْ (بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَهُوَ) أَيْ: مَنْ حَضَرَهُ الطَّعَامُ (مُحْتَاجٌ إلَيْهِ) أَيْ: الطَّعَامِ (وَلَهُ الشِّبَعُ) نَصًّا. لِخَبَرِ أَنَسٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ {وَلَا تَعْجَلَنَّ حَتَّى تَفْرُغَ مِنْهُ} وَأَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {دُعِيَ إلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، وَقَامَ يُصَلِّي} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُ إلَيْهِ (أَوْ) كَانَ (لَهُ ضَائِعٌ يَرْجُوهُ) أَنْ دَلَّ عَلَيْهِ بِمَكَانٍ وَخَافَ إنْ لَمْ يَمْضِ إلَيْهِ سَرِيعًا انْتَقَلَ إلَى غَيْرِهِ، أَوْ قَدِمَ بَضَائِعُ لَهُ مِنْ سَفَرٍ، وَخَافَ إنْ لَمْ يَتَلَقَّهُ أَخْفَاهُ. قَالَ الْمَجْدُ: وَالْأَفْضَلُ: تَرْكُ مَا يَرْجُو وُجُودَهُ، وَيُصَلِّي الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ (أَوْ يَخَافُ ضَيَاعَ مَالِهِ) كَغَلَّةٍ بِبَيَادِرِهَا (أَوْ) يَخَافُ (فَوَاتَهُ) كَشُرُودِ دَابَّتِهِ، أَوْ إبَاقِ عَبْدِهِ، أَوْ سَفَرِ نَحْوِ غَرِيمٍ لَهُ (أَوْ) يَخَافُ (ضَرَرًا فِيهِ) أَيْ: مَالِهِ، كَاحْتِرَاقِ خُبْزٍ، أَوْ طَبِيخٍ، وَإِطْلَاقِ مَاءٍ عَلَى نَحْوِ زَرْعِهِ بِغَيْبَتِهِ (أَوْ) يَخَافُ ضَرَرًا (فِي مَعِيشَةٍ يَحْتَاجُهَا) بِأَنْ عَاقَهُ حُضُورُ جُمُعَةٍ، أَوْ جَمَاعَةٍ عَنْ فِعْلِ مَا هُوَ مُحْتَاجٌ لِأُجْرَتِهِ، أَوْ ثَمَنِهِ (أَوْ) يَخَافُ ضَرَرًا فِي (مَالٍ اُسْتُؤْجِرَ لِحِفْظِهِ، وَلَوْ) كَانَ مَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ (نِظَارَةُ) بِكَسْرِ النُّونِ أَيْ: حِفْظُهُ (بُسْتَانٍ) وَالنَّاظِرُ. وَالنَّاظُورُ: حَافِظُ الْكَرْمِ وَالنَّخْلِ، (أَوْ) يَخَافُ بِحُضُورِهِ جُمُعَةً، أَوْ جَمَاعَةً: فَوْتَ (قَرِيبِهِ) نَصًّا (أَوْ) مَوْتَ (رَفِيقِهِ) فِي غَيْبَتِهِ عَنْهُ (أَوْ كَانَ يَتَوَلَّى تَمْرِيضَهُمَا، وَلَيْسَ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ) فِي الْمَوْتِ، أَوْ التَّمْرِيضِ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ اسْتَصْرَخَ عَلَى سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ يَتَجَمَّرُ لِلْجُمُعَةِ، فَأَتَاهُ بِالْعَقِيقِ. وَتَرَكَ الْجُمُعَةَ. وَكَذَا إنْ خَافَ عَلَى وَلَدِهِ وَأَهْلِهِ (أَوْ) يَخَافُ (عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ضَرَرِ) نَحْوِ (لِصٍّ، أَوْ) يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ (سُلْطَانٍ) يَأْخُذُهُ (أَوْ) مِنْ (مُلَازَمَةِ غَرِيمٍ) لَهُ (وَلَا شَيْءَ مَعَهُ) لِأَنَّ حَبْسَ الْمُعْسِرِ ظُلْمٌ. وَكَذَا إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا وَخَشِيَ أَنْ يُطَالَبَ بِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ، فَإِنْ كَانَ حَالًّا، وَقَدَرَ عَلَى وَفَائِهِ لَمْ يُعْذَرْ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ (أَوْ) يَخَافُ (فَوْتَ رُفْقَةٍ بِسَفَرٍ مُبَاحٍ) أَيْ: غَيْرِ مَكْرُوهٍ وَلَا حَرَامٍ (أَنْشَأَهُ) أَيْ: السَّفَرَ، (أَوْ اسْتَدَامَهُ) لِمَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهِ (أَوْ غَلَبَهُ نُعَاسٌ يَخَافُ بِهِ) أَيْ: النُّعَاسِ (فَوْتَهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ (فِي الْوَقْتِ) إذَا انْتَظَرَ الْجَمَاعَةَ (أَوْ) يَخَافُ بِهِ فَوْتَهَا (مَعَ إمَامٍ) فَيُعْذَرُ فِيهِمَا. وَقَطَعَ فِي الْمَذْهَبِ وَالْوَجِيزِ: أَنَّهُ يُعْذَرُ فِيهِمَا بِخَوْفِهِ بُطْلَانَ وُضُوئِهِ بِانْتِظَارِهِمَا (أَوْ) يَخَافُ (أَذًى بِمَطَرٍ وَوَحَلٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَتَسْكِينُهَا لُغَةٌ رَدِيئَةٌ (وَثَلْجٍ وَجَلِيدٍ وَرِيحٍ بَارِدَةٍ بِلَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ {كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَادِي مُنَادِيَهُ فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ، أَوْ الْمَطِيرَةِ: صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ} رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَرُوِيَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي يَوْمِ مَطَرٍ وَفِي رِوَايَةِ لِمُسْلِمٍ {وَكَانَ يَوْمُ جُمُعَةٍ} (أَوْ) يَخَافُ أَذًى (بِتَطْوِيلِ إمَامٍ) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ رَجُلًا صَلَّى مَعَ مُعَاذٍ ثُمَّ انْفَرَدَ فَصَلَّى وَحْدَهُ عِنْدَ تَطْوِيلِ مُعَاذٍ، فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَخْبَرَهُ " (أَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَوَدٌ يَرْجُو الْعَفْوَ عَنْهُ) وَلَوْ عَلَى مَالٍ وَكَذَا عُرْيَانٌ لَمْ يَجِدْ سُتْرَةً، أَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَ مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ فِي غَيْرِ جَمَاعَةٍ عُرَاةٍ. وَ (لَا) يُعْذَرُ بِتَرْكِ جُمُعَةٍ وَجَمَاعَةٍ (مَنْ عَلَيْهِ حَدُّ) اللَّهِ، كَحَدِّ زِنًا وَشُرْبِ خَمْرٍ، أَوْ لِآدَمِيٍّ كَقَذْفٍ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ وَجْهٌ: إنْ رَجَا الْعَفْوَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ (أَوْ) كَانَ (بِطَرِيقِهِ) أَيْ: الْمَسْجِدِ مُنْكَرٌ (أَوْ بِالْمَسْجِدِ مُنْكَرٌ، كَدُعَاةِ الْبُغَاةِ) فَلَا يُعْذَرُ بِتَرْكِ جُمُعَةٍ وَلَا جَمَاعَةٍ نَصًّا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الَّذِي هُوَ الصَّلَاةُ فِي جَمَاعَةٍ لِنَفْسِهِ، لَا قَضَاءُ حَقٍّ لِغَيْرِهِ. (وَيُنْكِرُهُ) أَيْ: الْمُنْكَرَ (بِحَسَبِهِ) أَيْ: قَدْرِ مَا يُطِيقُهُ لِلْخَبَرِ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ: أَنَّهُ لَا يُعْذَرُ بِتَرْكِ جُمُعَةٍ أَوْ جَمَاعَةٍ مَنْ جَهِلَ الطَّرِيقَ لِلْمَسْجِدِ، إذَا وَجَدَ مَنْ يَهْدِيهِ وَلَا أَعْمًى وَجَدَ مَنْ يَقُودُهُ بِمِلْكٍ، أَوْ إجَارَةٍ. وَفِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ وَيَلْزَمُهُ إنْ وَجَدَ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْقَائِدِ كَمَدِّ الْحَبْلِ إلَى مَوْضِعِ الصَّلَاةِ ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ.
|